علم التاريخ لا شك فى جلالة قدره، وعظم موقعه؛ ينتفع به للاطلاع على حوادث الزمان، وسير الناس وما أبقى الدهر من أخبارهم بعد أن أبادهم، مع أنه عبرة لمن اعتبر، وتنبيه لمن افتكر، واختبار حال من مضى وغبر، وإعلام أن ساكنى (1) الدنيا على سفر، وفى ضبطه بالسنين أمور مهمة وفوائد جمة، لحظها الفاروق والصحابة (2) رضى الله تعالى عنهم عند وضعه (3) التاريخ. وقد رأيت بخط شيخنا الإمام العلامة المؤرخ الكبير تقى الدين أبى العباس أحمد بن على بن عبد القادر المقريزى (4) المصرى- تغمده الله برحمته- فى بعض تعاليقه ما نصه «من أرخ فقد حاسب الأيام عن عمره، ومن كتب حوادث دهره (5) فقد كتب كتابا إلى من بعده بحديث دهره، ومن قيد ما شهد فقد أشهد عصره من لم يكن من أهل عصره؛ فهو يهدى إلى الفضلاء أعمارا، ويبوىء أسماعهم وأبصارهم ديارا ما كانت لهم ديارا.
Página 4