11

Itaf Dhawi Albab

إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

Editorial

منشورات منتديات كل السلفيين.

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.

Géneros

Exégesis
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم وبه نستعين الحَمْدُ لِله المُنَزَّهِ بِذَاتِهِ، الرَّفِيعِ الجَنَابِ (١)، المُقَدَّسِ بِصِفَاتِهِ عَنْ إِدْرَاكِ عُقُولِ ذَوِي الأَلْبَابِ، المَوْصُوفِ بِالأُلُوهِيَّةِ قَبْلَ كُلِّ مَوْجُودٍ، البَاقِي بِنَعْتِ السَّرْمَدِيَّةِ بَعْدَ كُلِّ مَحْدُودٍ (٢)، المَنِيعِ الحِجَابِ (٣)، المَلِكِ الَّذِي طَمَسَتْ

(١) (الجَنَابُ) - بِفَتْحِ الجِيمِ -: هُوَ: السَّاحَةُ وَالجِوَارُ، تَقُولُ العَرَبُ: (هُوَ فِي جَنَابِ فُلَانٍ)؛ أَيْ: فِي سَاحَتِهِ وَجِوَارِهِ، وَ(جَنَابُ القَوْمِ): نَاحِيَتُهُمْ وَمَا حَوْلَهُمْ، ثُمَّ أُشِيعَ اسْتِخْدَامُهَا لِلإِجْلَالِ كَغَيْرِهَا مِنَ الكَلِمَاتِ المُعَظِّمَةِ لِلْمَذْكُورِ؛ كَـ (حَضْرَةِ الملِكِ)، وَ(المَقَامِ الشَّرِيفِ) - وَغَيْرِ ذَلِكَ -، وَيُرَادُ بِنِسْبَتِهَا إِلَى البَارِي - تَعَالَى -: العَظَمَةُ المُطْلَقَةُ الرَّفِيعَةُ. قَالَ القَلْقَشَنْدِيُّ فِي «صُبْحِ الأَعْشَى» (٥/ ٤٦٤): «وَأَصْلُ (الجَنَابِ) فِي اللُّغَةِ: الفِنَاءُ، أَوْ مَا قَرُبَ مِنْ مَحَلَّةِ القَوْمِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: (لُذْنَا بِجَنَابِ فُلَانٍ)، وَ(فُلَانٌ خَصِيبُ الجَنَابِ)، فَيُعَبَّرُ عَنِ الرَّجُلِ بِفِنَائِهِ وَمَا قَرُبَ مِنْ مَحَلَّتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَيُجْمَعُ عَلَى (أَجْنِبَةٍ)؛ كَـ (مَكَانٍ وَأَمْكِنَةٍ)، وَعَلَى (جَنَابَاتٍ) كَـ (جَمادٍ وَجَمَادَاتٍ)». (٢) قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ فِي «النِّهَايَةِ» (٢/ ٣٦٣): «السَّرْمَدُ: الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ». قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ المُرَادُ مِنْ مَعْنَى السِّيَاقِ أَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ، وَصِفَاتُهُ أَزَلِيَّةٌ بَاقِيةٌ - عَلَى الأَبَدِ - بِبَقَاءِ ذَاتِهِ، فَالبَاءُ فِي قَوْلِهِ: (بِنَعْتِ) هِيَ لِلْمُصَاحَبَةِ، كَقَوْلِكَ: (بَقِيَ المرِيضُ بِحَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا). وَالأَجْوَدُ أَنْ يَقُولَ: (بِالنُّعُوتِ السَّرْمَدِيَّةِ)، كَمَا جَاءَ فِي مُقَدَّمَةِ النَّسَفِيِّ لِـ «تَفْسيرِهِ» الَّتِي قَدْ يَكُونُ المُصَنِّفُ - هُنَا - اقْتَبَسَ بَعْضًا مِنْهَا فِي أَوَّلِ مُقَدَّمَتِهِ لِلرِّسَالَةِ - هَذِهِ -. (٣) رَوَى مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» (١٧٩) عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ ﷿ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ».

1 / 17