بن برخيا وقال لهم: أشيروا علي. فقالوا: إنا نرى أن نتخذ قلالا من نحاس ثم نملؤها حجارة، ثم تكتب عليها "الكتاب" الذي في خاتمكم، ثم تلقى القلال في الماء ففعلوا فثبتت القلال في الماء، فألقوا المون والحجارة عليها، وبني حتى ارتفع بناؤه وفرق الشياطين في أنواع العمل، فدأبوا في عمله وجعل فرقة منهم يقطعون معادن الياقوت بأنواع الجواهر وجعل الشياطين صفًّا مرصوصا من معادن الرخام إلى حائط المسجد، فإذا قطعوا من المعادن حجرا أو أسطوانة تلقاه الأول منهم "ثم الذي يليه" ويلقيه بعضهم إلى بعض حتى ينتهي إلى المسجد، وجعل فرقة لقطع الرخام الأبيض الذي منه ما هو مثل بياض اللبن بمعدن يقال له السامور ليس هو هذا السامور الذي هو في يدي الناس الآن ولكن هذا به يسمى.
والذي دلهم على معدن السامور عفريت من الشياطين كان في جزيرة من جزائر
البحر فذكره سليمان ﵇ "عليه"، فأرسل إليه بطابع من حديد وكان خاتمه يرسخ في الحديد والنحاس فيطبع إلى الجن بالنحاس وإلى الشياطين بالحديد وكأن خاتما نزل عليهم من السماء حلقته بيضاء وطابعه كالبرق الخاطف، لا يستطيع أحد أن يملأ بصره منه فلما وصل الطابع إلى العفريت وجيء به قال له: هل عندك من حيلة أقطع بها "الصخور"؟ فإني أكره صوت الحديد في مسجدنا هذا فقال له العفريت: إني لا أعلم في السماء طيرا أشد من العقاب، ولا أكثر حيلة منه. وذهب يبتغي "وكر" عقاب فوجد وكرا "فيه أفراخ العقاب" فغطى عليه بترس "غليظ من حديد"، فجاء
1 / 118