-9- ولا يجوز أن تختلف الأحكام في هذا ، من أجل البقاع ولا من أجل المواليد ، ولا من أجل الآباء ولا الأمصار ، والمولود في الروم والزنج والهند ، و يأجوج و مأجوج ، وجميع الأمصار في جميع البر والبحار ، في حكم دين الله ، سواء على كل منهم من حجج الله ما احتملته طاقته ، إذا بلغت إليه قدرته ، ولزمته كلفته ، فإذا ضيعه بعد ذلك كان ناقضا لذلك العهد والميثاق ، الذي ثبت له في دين الله - تبارك وتعالى - ، و إلا فهو على ذلك الميثاق ، ولن يضره علم غيره ، إذا بلغ سنه وصح عقله ، تعبد بحكم نفسه وهو على عهد الله وميثاقه له ما لأهل العهد ، وعليه ما على أهل العهد والميثاق من الثواب ، والإيمان والإسلام و الرضى ، حتى ينقض عهد الله وميثاقه ، بوجه من الوجوه التي يكون بها ناقضا لعهد الله وميثاقه ، الذي ثبت له وعليه ، فإذا نقض العبد عهد الله وميثاقه ، الذي قد ثبت على العباد له ولهم عليه ، فلا عذر لناقض العهد والميثاق ، إذا نقضه بعد القدرة منه على أن لا ينقضه فنقضه ، كان ناقضا للعهد ، علم بذلك أو جهل ، فلا عذر له بجهل ذلك ، ومتى لم ينقض ذلك العهد وذلك الميثاق ، فهو على العهد والميثاق أبدا مستحق ما يستحقه ، من لم ينقض العهد والميثاق من الإثم أو الثواب و الرضى والمحبة ، علم ذلك أو جهله ، وليس على العبد أن يعلم أنه لم ينقض العهد والميثاق ، وأنه قد أطاع ما لم يبلغ علم ذلك إليه ، بوجه يطيق علم ذلك ، وله الحجة في تلك الطاعة إذا أطاع بها ، ولو جهل أنه مطيع بها ، كما كان غيره معذورا بالمعصية إذا عصى بها ، ونقض بها العهد أو تلك المعصية أو لم يعلم .
فصل : وكما لم يكن له الحجة في المعصية إذا عصى ، و لو لم يعلم أنه عصى للعهد والميثاق المأخوذ عليه أن لا يعصى ، كذلك ليس عليه أن يعلم أنه أطاع ، إلى أن يبلغ إليه علم ذلك ، وتحتمله طاقته ، ويكون مطيقا لذلك ، ولو جهله ما وسعه ، ولم يحتمل ذلك أن يسعه طاقته .
فصل : ومن العجب العجيب أن يجوز أن يهلك العبد بالمعصية لله
Página 10