-151- عن عروات الناس من لم يطلع عليها ، والبلوغ إلى معرفة عثراتهم ، وليس ذلك من الوسيلة ولا من الفضيلة ، إنما ذلك من المحجور ، وإنما الوسائل أن يبلغ إلى شيء من أداء الفرائض التي لم تلزمه إذا خوج فيها بغير دينونة ، ولا ملتمسا لعثرة ولامتجسسا لعورة ، فذلك في الفرائض ، ولا يقصد بنيته على كل حال ، إلى أن يعلم كفر هذا االمحدث ليبرأ منه على ذلك ، ويخلعه عليه ، وإنما يخرج في طلب الثواب من تعليم الآثار ، والبلوغ سريعا إلى صحيحات الأخبار ، من السلف الماضين من الأبرار والفجار ، ليتبع سبيل الأبرار ويحذر سبيل الفجار ، فان لزمه في حال ذلك أمرؤ ، وقامت عليه به حجة ، من كفر كافر أو إيمان مؤمن ، حكم على نفسه ، بما ألزمه الله من البراءة من أعدائه والولاية لأوليائه ، ولا يجوز أن يقصد إلى علم كفر أحد من الخليقة ليبرأ منه ويعوف ضلاله ليخلعه ، كذلك قال الله -تبارك وتعالى - : ( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ) ، ومحجور أن يتجسس الانسان عورة أحد من الخليقة ، بارا كان أو فاجرا ، والغيبة محجورة على المؤمنين خاصة ، ومن لم يعلم كفره فلا يجوز غيبته ، لأن المغتاب له واقع له على سبيل الجهل ، وإنما لا غيبة له إذا قال فيه بما هو فيه ، وشهد عليه بما هو فيه في المشركين والمنافقين ، وأما التجسس فمحجور من الكل ، أن يتجسس له عورة غائبة عنك ، هذا مالا نعلم فيه اختلافا .
كذلك قال المسلمون في دينهم ، المجمعون عليه : ولا يتجسس العورة ولا يغتنم العثرة ، ولا يرد المعذرة ، فكما لا يجوز أن يغتنم عثرة بار ولا فاجر ، كذلك لا يجوز أن يتجسس عورة بار ولا فاجر ، ولا مؤمن ولا كافر .
وقد قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم : "ليس منا من رد المعذرة ، كان المعتذر صادقا أو كاذبا" ، وكذلك العورات محرمات من البار والفاجر ، ولا نعلم عورة من العورات أشد في العبد من المكفرات ، كما أنه ليس من العيوب أشد عيبا من الكفر.
Página 152