فَنَقُول الْفِقْه هُوَ معرفَة أَحْكَام أَفعَال الْعباد سَوَاء كَانَت تِلْكَ الْمعرفَة علما أَو ظنا أَو نَحْو ذَلِك
وَمن الْمَعْلُوم لمن تدبر الشَّرِيعَة أَن أَحْكَام عَامَّة افعال الْعباد مَعْلُومَة لَا مظنونة وَأَن الظَّن فِيهَا إِنَّمَا هُوَ قَلِيل جدا فِي بعض الْحَوَادِث لبَعض الْمُجْتَهدين فَأَما غَالب الْأَفْعَال مفادها وأحداثها فغالب احكامها مَعْلُومَة وَللَّه الْحَمد وأعنى بِكَوْنِهَا أَن الْعلم بهَا مُمكن وَهُوَ حَاصِل لمن اجْتهد وَاسْتدلَّ بالأدلة الشَّرْعِيَّة عَلَيْهَا لَا أعنى أَن الْعلم بهَا حَاصِل لكل اُحْدُ بل وَلَا لغالب المتفقهة المقلدين لائمتهم بل هَؤُلَاءِ غَالب مَا عِنْدهم ظن أَو تَقْلِيد
إِذْ الرجل قد يكون يرى مذْهبه بعض الْأَئِمَّة وَصَارَ ينْقل أَقْوَاله فِي تِلْكَ الْمسَائِل وَرُبمَا قربهَا بِدَلِيل ضَعِيف من قِيَاس أَو ظَاهر هَذَا إِن كَانَ فَاضلا وَإِلَّا كَفاهُ مُجَرّد نقل الْمَذْهَب عَن قَائِله إِن كَانَ حسن التَّصَوُّر فهما صَادِقا وَإِلَّا لم يكن عِنْده إِلَّا حفظ حُرُوفه إِن كَانَ حَافِظًا وَإِلَّا كَانَ كَاذِبًا أَو مُدعيًا أَو مخطئا
وَلَا ريب أَن الْحَاصِل عِنْد هَؤُلَاءِ لَيْسَ بِعلم كَمَا أَن الْعَامَّة المقلدين للْعُلَمَاء فِيمَا يفتونهم [فَإِن الْحَاصِل عِنْدهم] لَيْسَ علما بذلك عَن
1 / 55