النَّاس من يضع الْآيَة على غير موضعهَا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا فَإِن بَغت إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فَقَاتلُوا الَّتِي تبغى حَتَّى تفئ إِلَى أَمر الله فَإِن فاءت فأصلحوا بَينهمَا بِالْعَدْلِ وأقسطوا إِن الله يحب المقسطين [سُورَة الحجرات ٩] فَهُوَ لم يَأْذَن ابْتِدَاء فِي قتال بَين الْمُؤمنِينَ بل إِذا اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا والاقتتال هُوَ فتْنَة وَقد تكون إِحْدَاهمَا أقرب إِلَى الْحق فَأمر سُبْحَانَهُ فِي ذَلِك بالإصلاح
وَكَذَلِكَ فعل النَّبِي ﷺ لما اقتتل بَنو عَمْرو بن عَوْف فَخرج ليصلح بَينهم وَقَالَ لِبلَال إِن حضرت الصَّلَاة فَقدم ابا بكر
ثمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ فَقَاتلُوا الَّتِي تبغى حَتَّى تفئ إِلَى أَمر الله [سُورَة الحجرات ٩] فَهُوَ بعد اقتتالهم إِذا أصلح بَينهم بِالْقِسْطِ فَلم تقبل إِحْدَاهمَا الْقسْط بل بَغت فَإِنَّهَا تقَاتل لِأَن قتالها هُنَا يدْفع بِهِ الْقِتَال الَّذِي هُوَ أعظم مِنْهُ فَإِنَّهَا اذا لم تقَاتل حَتَّى تفئ إِلَى أَمر الله بل تركت حَتَّى تقتتل هِيَ وَالْأُخْرَى كَانَ الْفساد فِي ذَلِك أعظم
والشريعة مبناها على دفع الفسادين بِالْتِزَام أدناهما وَفِي مثل هَذَا يُقَاتلُون حَتَّى لَا يكون فتْنَة وَيكون الدّين كُله لله لِأَنَّهُ إِذا أمروا
1 / 33