وإذا كان هذا الوجه متفقا عليه فحمل الحديث عليه لا يضر وحينئذ فالمطلوب منه إما أن يكون قادرا عليه وإما أن لا يكون قادرا فإن كان قادرا طلب على هذا الوجه وإن لم يكن قادرا عليه طلب من الله ولا منافاة بين المعنيين لكن ظاهر لفظ الحديث إن صح يقتضي أنه لم يكن قادرا على دفع ضرر ذلك المنافق وأنه أمرهم أن يستغيثوا فيه بالله تعالى
الوجه الثاني أن يقال الأسباب المخلوقة ولمشروعة لا تنكر والأسباب المشروعة تفعل مع التوكل على الله تعالى لكن لم قلتم إن الاستغاثة بمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق هو من الأسباب المشروعة والكلام إنما هو في هذا وهذا هو الذي نهى عنه
فالجواب حيث قيل فأما ما لا يقدر عليه إلا الله فلا يجوز أن يطلب إلا من الله تعالى لا يطلب ذلك لا من الملائكة ولا من غيرهم فلا يجوز أن يقال لغير الله اغفر لنا واسقنا الغيث وانصرنا على القوم الكافرين أو اهد قلوبنا ونحو ذلك ثم ذكر الحديث المذكور فبين أن المنهي عنه أن يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق
Página 390