Libro de la Súplica
كتاب الاستغاثة
ثم إن الله تعالى ذكر هذه الآية لبيان نعمته على نبيه وعلى المؤمنين يوم بدر وما أيدهم به من النصر فلو أريد كونه خالقا لفعله لكان هذا قدرا مشتركا بين جميع الناس بل لا بد أن يكون لرميه خاصة يعجز عنها الخلق فعلها الله تأييدا لنبيه ونصرا له وإنعاما عليه وعلى المؤمنين فتبين أن هذه الآية حجة عليه لا له كالأولى وأن الله تعالى فرق بين فعل الخلق وفعل نفسه ولم ينزل أحدا منزلة نفسه في الأفعال
ومما يبين ذلك أن أفعال العباد لا يجوز أن تنفى عنهم باتفاق المسلمين من قال إن الله تعالى خالقها ومن قال إنه لم يخلقها لا يجوز أن يقال هذا ما أكل ولا شرب ولا قعد ولا ركب ولا طاف ولا ركع ولا سجد ولا صام ولا سعى ولكن الله هو الذي أكل وشرب وقعد وركب وطاف وركع وسجد وصام وسعى
وسواء كانت الأفعال محمودة أو مذمومة وسواء كانت سببا لخرق العادة أم لا فلا يقال إن موسى ما ضرب بعصاه البحر ولا الحجر ولكن الله ضرب ولا يقال إن نوحا ما ركب في السفينة ولكن الله ركب ولا يقال إن المسيح ما ارتفع إلى السماء بل الله ارتفع ولا يقال إن محمدا صلى الله عليه وسلم ما ركب البراق بل الله ركب وأمثال هذا
Página 337