150

Al-Istidhkar

الاستذكار

Investigador

سالم محمد عطا ومحمد علي معوض

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1421 AH

Ubicación del editor

بيروت

وَأَمَّا مَالِكٌ فَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى الْمِصْرِيُّونَ عَنْهُ خِلَافَ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
فَأَمَّا رواية أصحابه المصريين عنه فإن بن الْقَاسِمِ رَوَى عَنْ مَالِكٍ فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ فِي حَوْضٍ مِنَ الْحِيَاضِ الَّتِي تُسْقَى فِيهَا الدَّوَابُّ وَلَمْ يَكُنْ غُسِلَ مَا بِهِ مِنَ الْأَذَى أَنْ قَدْ أَفْسَدَ الْمَاءَ وَكَذَلِكَ جَوَابُهُ فِي إِنَاءِ الْوُضُوءِ يَقَعُ فِيهِ مِثْلُ الْإِبَرِ مِنَ الْبَوْلِ إِنَّهُ يُفْسِدُهُ
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الْكَثِيرِ مِثْلَ الْحِيَاضِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ولم يكن غسل ما به من الأذى إِنَّ ذَلِكَ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ
وَهَذَا مَذْهَبُ بن القاسم وأشهب وبن عَبْدِ الْحَكَمِ كُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ يُفْسِدُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ وَإِنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ لَا يُفْسِدُهُ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنَ النَّجَاسَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَغَيَّرَهُ عَنْ حَالِهِ فِي لَوْنِهِ وَطَعْمِهِ وَرِيحِهِ
وَلَمْ يَحُدُّوا حَدًّا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
وَنَحْوَ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا لِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فَقَالَ مَا كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَحَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَفْسَدَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ وَإِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُفْسِدْهُ مَا يَحِلُّ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ فَتُغَيِّرَ مِنْهُ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا
وَحُجَّتُهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﵇ أَنَّهُ قَالَ «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ تَلْحَقْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا»
وَبَعْضُ رُوَاتِهِ يَقُولُونَ «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا»
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْعِلَّةَ فِيهِ فِي «التَّمْهِيدِ»
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا بِحَدِيثِ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ وَبِحَدِيثِ «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» وَبِنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ
وَالْقُلَّتَانِ عِنْدَهُ وعند أصحابه نحو خمس مئة رَطْلٍ عَلَى مَا قَدَّرَهُمَا بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الحديث

1 / 160