Issues in Which the Messenger of Allah Contradicted the People of Ignorance
مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية
Géneros
الرد على أدلة المجوزين للنشرة
وأما الرد على من اعترض بقول النبي ﷺ (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)، وقول سعيد، وقول عائشة، والقياس على الميتة، فالرد عليه كالتالي: أولا: قول النبي ﷺ (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)، هذا عام مخصوص بما شرع، يعني: من استطاع منكم أن ينفع أخاه بما شرعه الله فليفعل، وأما من استطاع أن ينفع أخاه بغير ما شرع الله فلا يفعل، والدليل على تخصيص قول النبي ﷺ (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)، وأن المراد به من استطاع أن ينفع أخاه بما شرعه الله فليفعل هو قوله ﵊ (تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام)، والنبي ﷺ قال عن النشرة: (لا هي حرام إنها من عمل الشيطان)، فالنشرة حرام فلا تدخل تحت عموم قول النبي ﷺ (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)، وقال ﷺ: (إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها).
إذًا: فحديث (من استطاع منكم أن ينفع أخاه)، مخصوص بما شرع، فلا حجة لكم فيه.
وقول سعيد بن المسيب عليه من وجهين: الوجه الأول: أن سعيد بن المسيب ﵁ وأرضاه قال ذلك اجتهادًا منه، ولا اجتهاد لأحد كائنًا من كان مع قول النبي ﷺ.
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين قول فقيه وسنرد عليكم بما قال ابن عباس ﵁: أوشكت السماء أن تمطر عليكم حجارة، أقول لكم: قال رسول الله وتقولون: قال سعيد بن المسيب، فقول رسول الله يقدم على كل أحد كائنا من كان.
الوجه الثاني: قول سعيد بن المسيب: نعم (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)، يحتمل أن المقصود بقوله نعم المراد به حل السحر بالرقية الشرعية؛ لأن العلاج يكون بثلاثة أمور: بالرقى، أو العقاقير، أو السحر بالسحر، فنحمل كلام سعيد بن المسيب على أحسن المحامل ونقول: أباح حل السحر بالرقية الشرعية، فهذا هو الظن في هذا العلاّمة الفاضل الكريم، فنحمل كلامه على أحسن المحامل، وهذه القاعدة لا بد لطالب العلم أن يتقنها في صدره، فإذا أتته فتوى من عالم أو من طالب علم متقن يرى أنها غير صواب فلا يطعن في العالم أو يتجرأ عليه، بل يحمل كلامه على أحسن المحامل.
وأما الرد على فعل عائشة فنقول: هذا في غير محل النزاع؛ لأن النزاع هو في أن يطلب المسحور من الساحر والكاهن أن يحل له السحر، وهذا غير موجود في القصة، فـ عائشة لم تطلب منه حل السحر، والرجل لم يرد في القصة أنه ساحر أو كاهن، فكأنه اشتهر بأنه طبيب، فجاء ابن أخيها إليه يصف مرض عائشة، فقال له الرجل: هي مسحورة، أي: هذا المرض ليس مرضا عضويًا وإنما هو سحر، فلا حجة لكم في هذا.
وإذا تنزلنا معكم وقلنا: بأن عائشة ﵂ وأرضاها طلبت ذلك -وحاشاها أن تفعل ذلك- فإنه لا حجة لكم بفعل عائشة أمام قول النبي ﷺ (لا إنما هي من عمل الشيطان)، فإذا خالفت عائشة قول النبي فإننا نقدم قول النبي، أما بلغكم نبأ عمار ﵁ وأرضاه عندما خرجت عائشة مع الزبير وطلحة بن عبيد الله ﵃ أجمعين يوم الجمل ثم قام رجل من فئة وطائفة علي بن أبي طالب فقال: عائشة كذا فسبها، قطع الله لسانه، وأذاقه ما أذاقه في قبره على ما فعل، فلما فعل ذلك ارتعدت فرائص عمار بن ياسر، وقال: والله إنها زوجة نبيكم في الجنة، ولكن الله اختبركم بها أتطيعون له أم تطيعون لها.
وإذا أردت أن تعرف محبة الله في قلبك فانظر إذا عارض قوله هواك، فلا قول لأحد مع قول رسول الله ﷺ، فبطلت الأدلة الأثرية التي استدلوا بها.
أما دليل القياس الذي استدلوا به فإننا نقول لهم: نوافقكم على القاعدة ولا نوافقكم على التطبيق في هذه المسألة، فإن القياس هنا قياس مع الفارق من وجهين.
الوجه الأول هو: أن الأكل من الميتة عند عدم وجود الطعام واجب، وأما التداوي فهو على قول الجماهير من أهل العلم ليس بواجب بل هو مستحب، بل اختلفوا أيهما أفضل للمريض أن يتداوى أم لا؟ وأصلح الأدلة على ذلك أنه عندما اشتد المرض على أبي بكر جاءوه فقالوا: نأتيك بالطبيب، قال: لا إن الطبيب رآني، قالوا: ماذا قال لك، قال: إني فعال لما أريد ولم ينكر عليه أحد ولو كان واجبًا لقالوا: له أثمت، فلابد أن تتداوى.
فجماهير أهل العلم يرون أن التداوي ليس بواجب وإنما هو مستحب، فهذا قياس مع الفارق.
الوجه الثاني وهو مهم جدًا هو: أن هناك بدائل عن هذا المحرم ولذلك منعه الشرع (تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام) فالبدائل هي الرقية الشرعية أو العقاقير أو الصبرْ، كما قال للمرأة: (اصبري ولك الجنة)، فهي لم تهلك بذلك.
الوجه الثالث: أن الشرع جاء بإباحة الميتة ولم يأت الشرع بإباحة النشرة بل جاء الشرع بعكس ذلك وقال: (لا هي حرام، إنها من عمل الشيطان) أو كما قال ﷺ، وهذا هو الرد على القياس.
إذًا فحرام على أي مسحور أو مريض أن يذهب إلى كاهن فيحل له السحر بالسحر، ومن فعل ذلك فقد أثم بل وقع في شراك الشرك.
نسأل الله جل في علاه أن يتم لنا التوحيد، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
6 / 11