الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير
الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير
Editorial
مكتبة السنة
Número de edición
الرابعة
Géneros
ثلاثا، وضربه ثلاثا، فقال له الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟! قال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال؟ ١، قال: مرني بأمرك أتبعه، قال: انطلق فامحه بالحميم٢، والصوف الأبيض، ثم لا تقرأه، ولا تقرئه أحدا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته، أو أقرأته أحدًا من الناس، لأنهكنك عقوبة، ثم قال: اجلس، فجلس بين يديه، فقال: انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم٣، فقال لي رسول الله ﷺ: "ما هذا في يدك يا عمر؟ " قلت: يا رسول الله: كتاب نسخته؛ لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله ﷺ حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: أغضب نبيكم؟ السلاح السلاح، فجاءوا حتى أحدقوه بمنبر رسول الله ﷺ، فقال: "يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم، وخواتيمه، واختصر لي اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تهوكوا، ولا يغرنكم المتهوكون" ٤.
قال عمر: فقمت، فقلت: "رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا وبك رسولا، ثم نزل رسول الله ﷺ" وروى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي بسنده عن جبير بن نفير: أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر ﵁ فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص، وكان قد اكتتبا من اليهود شيئا في صحيفة، فأخذاها معهما يستفتيان فيهما أمير المؤمنين عمر، فلما قدما عليه قالا: إنا بأرض أهل الكتاب، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا، أفنأخذ منه ونترك؟ فقال: سأحدثكما ... ثم ذكر قصته لما كتب شيئا أعجبه من كلام اليهود، وقرأه عليه، فغضب الرسول، وصار يمحوه بريقه ويقول: "لا تتبعوا هؤلاء؛ فإنهم قد هوكوا، وتهوكوا" ٥، حتى محا آخره، حرفا حرفا، ثم قال عمر: فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئا جعلتكما نكالا لهذه الأمة، قالا: والله ما نكتب منه شيئا، ثم خرجا بصحيفتهما، فحفرا لها، وعمقا في الحفر، ودفناها، فكان آخر
١ أحد أنبياء بني إسرائيل. ٢ الماء الحار. ٣ أديم: جلد. ٤ في القاموس: "المنهوك المتحير" أي المتحيرون الشاكون. ٥ أي شكوا، وشككوا غيرهم.
1 / 109