عرضت هاجر طلب جرهم وقالت : إن ههنا قوما من جرهم يسألونك : أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا ، أفتأذن لهم في ذلك ؟ قال إبراهيم : نعم .. اطمأن الخليل ، وقرت عينه وبدأت بذرة التوحيد تنمو في أرض الطهر والسلام .. عاد الخليل إلى الشام وعادت جرهم تسأل من هاجر ما الخبر ؟ .. ان الخليل يأذن لكم بالنزول ويسمح بالجوار ..
بدأت وفود جرهم تترى على زمزم ، فراحت مضاربها تطوق عين الماء ، وتحدق برحاب الحرم .. نبع الماء ، وهوت الافئدة ، وازدحم الانس في الوادي الموحش الكئيب .. ها هي مضارب جرهم ، وها هم أطفالها يمرحون حول النبع ، وها هو إسماعيل يخالطهم ويتعلم لغة القوم الجديدة (17)، ويستعرب وسط جرهم : العرب القحطانيين الذين وفدوا من بلاد اليمن واستوطنوا على مقربة من الارض الحرام ، لقد اشتد حب جرهم لهذا الصبي المبارك فراحوا يجمعون له الهدايا ويهبون له الاغنام ، فوهب كل واحد منهم شاة وشاتين لاسماعيل ، لقد تجمع قطيع من الغنم ، وأصبح إسماعيل يملكه ويرعاه .
Página 24