التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي
التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي
Editorial
دار الكاتب العربي
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾ [النساء:٥٨]، أو إلزام المكلف الكف عن فعل، مثل قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ﴾ [الإسراء:٣٣]، وقوله: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى﴾ [الإسراء:٣٢]، أو تخيير المكلف في إتيان الفعل والكف عنه، مثل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ﴾ [المائدة:٢]، وقوله: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [الإسراء: ٣٣] .
والحكم الوضعي: هو ما اقتضى جعل شئ سببًا لشيء، أو شرطًا له، أو مانعًا منه، وسمي الحكم وضعيًا لأنه يقتضي:
١ - وضع أسباب لمسببات، كقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة:٣٨]، وقوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور:٢]، فقد اقتضى الحكم الأول جعل السرقة سببًا في قطع يد السارق، واقتضى الحكم الثاني جعل الزنا سببًا لجلد الزاني.
٢ - أو يقتضي وضع شروط لمشروطات، كقوله تعالى: ﴿لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور: ١٣] .
فهذا الحكم يقتضي اشتراط أربعة شهود لإثبات جريمة الزنا. ومثل قول الرسول ﷺ: "لا قطع إلا في ربع دينار" فهذا الحكم يشترط لقطع يد السارق أن تبلغ قيمة المسروق ربع دينار فأكثر.
٣ - أو يقتضي وضع موانع من أحكام، مثل قول الرسول ﷺ: "لا قطع في ثمر معلق"، فهذا الحكم يقتضي جعل تعليق الثمر - أي عدم حصد الحاصلات والثمار - مانعًا من القطع في سرقتها. ومثل قوله ﷺ: "لا ميراث لقاتل"، فهذا الحكم يقتضي جعل القتل الحاصل من الوارث مانعًا له من الإرث (١) .
(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج١ ص٨١ وما بعدها، المستصفي للغزالي ج١ ص٩٣، أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف ص٧٤ وما بعدها.
1 / 114