El Islam y la civilización árabe
الإسلام والحضارة العربية
Géneros
العرب في الإسلام
حالة العالم في الإسلام وحال الأولين من المسلمين
كان أهل الأرض يوم قام الرسول يهدي من الضلالة وينقذ بمكانه من الجهالة - كما قال علي بن أبي طالب: مللا متفرقة، وأهواء منتشرة، وطوائف مشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، ضلالا في حيرة، وخابطين في فتنة ، قد استهوتهم الأهواء، واستزلتهم الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء، حيارى في زلزال من الأمر، وبلاء من الجهل، وأرسل الرسول «على
1
حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم، واعتزام من الفتن، وانتشار من الأمور، وتلظ من الحروب، والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور، على حين اصفرار من ورقها، وإياس من ثمرها، واغورار من مائها، قد درست منار الهدى، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة
2
لأهلها، عابسة في وجه طالبها، ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف.»
جمع الإسلام من شمل العرب بعد تشتتهم، وآخى بينهم مؤاخاة ما عهدوها، وهذب نفوسهم حتى سلس قيادهم بعد شماسه، وثقفهم ثقافة أفادوا بها ففادوا بالأهل والولد والنفس والمال في نصرة دينهم، فامتن تعالى عليهم بقوله:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون . وأناس أصبح هذا حالهم لا يستعظم عليهم أن يفتحوا في سنين قليلة - الشام والعراق وفارس ومصر والجزيرة والروم والسند وبخارى والمغرب والأندلس وجزر البحر المتوسط، وأن يضعوا الجزية على ملك الصين، والتوفيق حليف رايتهم أينما حلت، يفتحون بالعدل قلوب من يغلبونهم على أمرهم، عقبى فتحهم بلادهم عنوة أو صلحا، يتحامون ما أمكن إهراق الدماء، ويرفقون بالمستضعفين من الأولاد والنساء والرهبان والراهبات، وينشرون كلمة التوحيد بالحكمة والموعظة الحسنة، ويعلمون الأمم المغلوبة لسانهم ومنازعهم، مؤثرين في كل حالة من حالاتهم الآخرة على الدنيا، وكذلك كانوا في أقوالهم وأفعالهم.
وعجيب، وأيم الحق، أن تصدر مثل هذه الفعال من أمة كانت بالأمس ضالة بأخلاقها، ضعيفة بكيانها، فاسدة معظم تراكيبها، وعجيب أن يصوغ محمد في بوتقته أصحابا كانوا مثال الحق والصدق في العالمين، يخرجهم بحرارة الإيمان ذهبا إبريزا، ومن قبل كان أكثرهم لا عيار له ولا وزن، وهذه أعظم معجزة بعد قرآنه الذي حمله لأمته، فأشرب نفوسها حب الطاعة ، وما كان أعصاها على كل نظام، ولا غرو والأمر على ما ذكر أن يغلب الألف منهم الألفين والثلاثة، فقيمة الأمم بعددها لا بعددها، ومن هان عليه الموت في سبيل نشر دينه، وتأييد سلطانه، جاء بما يتعذر على غيره أن يقوم بمثله ممن كانت عقيدته إلى ضعف وأمره إلى تقلقل. وكان بعض من آمنوا بالرسول في مبدأ الإسلام في مكة
Página desconocida