El Islam y la civilización árabe
الإسلام والحضارة العربية
Géneros
أثرت المدنية النصرانية في الجاهلية بعض أثر - والجاهلية اسم حدث في الإسلام للزمن الذي كان قبل البعثة النبوية - وكانت مملكة الحيرة
20
ومملكة غسان نصرانيتين، والنصرانية شائعة في ربيعة وغسان وبعض قضاعة، واليهودية
21
في حمير وبني كنانة وبني الحرث بن كعب بن كندة، ولم يكن لليهود الخارجين إلى خيبر ووادي القرى ويثرب من الحجاز مدنية مهمة، بل كانوا زراعا حملوا معهم - على الأرجح من فلسطين بعد قتل دولة الرومان لهم - أصول زراعتهم وأنواعا جديدة من الأشجار وأقاموا حصونا وآطاما؛ لاتقاء غارات البادية من الأعراب، وقالوا: إن اليهود أدخلوا إلى جزيرة العرب هذه الآطام وكان عددها نحو سبعين جاء النهي عن هدمها. ومن الحصون التي أقاموها حصن الأبلق للسموءل وحصن القمومي لبني أبي الحقيق وحصون السلالم والوطيح وناعم وسعد بن المعاذ.
وتعرب اليهود في الجزيرة وأخذوا يتكلمون العربية، وامتزجت عاداتهم بعادات العرب، وتخلقوا بأخلاقهم، ونزلوا عن كثير من مصطلحاتهم ومواضعاتهم، وأصبحوا يفاخرون كالعرب بالشجاعة وعلو الهمة وإكرام الضيف؛ يوقدون النار في الليل ليرشدوا السائرين، ويدعوهم إلى الضيافة على عادة العرب، وينظمون الشعر في هذه الأغراض الكثيرة، ومن شعرائهم السموءل بن عادياء وكعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وشريح بن عمران وشعبة بن غريض، كما كان من شعراء النصارى أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة وعدي بن زيد. عن مروان بن الحكم
22
عن معاوية بن أبي سفيان عن أبيه قال: خرجت أنا وأمية بن أبي الصلت الثقفي تجارا إلى الشام فكلما نزلنا منزلا أخذ أمية سفرا له يقرؤه علينا، فكنا كذلك حتى نزلنا قرية من قرى النصارى.
وراجت اليهودية في حمير في اليمن على أثر جلاء اليهود من فلسطين إلى الحجاز، وكان اليهود في جزيرة العرب تجارا، ويعانون صنع الأمتعة والصياغة والسيوف والدروع وسائر الآلات الحديدية، ويقول ولفنسون: إن اليهود كانوا أساتذة العرب في تعلم الكتابة العربية والفلاحة بالآلات، وقد بلغت عاد وثمود والعمالقة وحمير من بعدهم والتبابعة والأذواء الغاية من الحضارة، ورسخت فيهم الصنائع أيما رسوخ. ويقول بعض علماء الآثار: إن اليمن سبقت بتمدنها بابل ومصر، ومنها هاجر أجداد الفراعنة، ومنها كان أجداد البابليين والأشوريين، وإلى مصر وبابل وأشور حمل اليمانيون الصناعات والعلوم والتجارة. وقال آخر: إن اليمانيين أو الحميريين هم الذين مدنوا شواطئ آسيا وإفريقية وأوروبا، وكانوا في القديم أميل في مدنيتهم إلى التجارة، لا إلى الغزو والغارة؛ ولذلك كان معظم الأذواء يتجرون، فإذا كانت لرجل منهم مطامع في السيادة تغلب على البلاد.
ولقد كانت الأمية غالبة على العرب ما خلا حمير في اليمن وسكان الحيرة في العراق، وقد تعلموا الخط من إياد، وأصل إياد من تهامة، ونزلوا العراق فكانوا يشتون فيها ويصيفون في الجزيرة، وكان منهم لقيط بن معبد الإيادي كاتب كسرى بالعربية وترجمانه،
Página desconocida