El Islam y la civilización árabe
الإسلام والحضارة العربية
Géneros
إن «غونغورا» أصفى شعرائنا روحا يشبه كبار الشعراء في بلاط الأمويين في قرطبة، أولئك الذين جمع لهم الحكم الثاني في قصر مروان أغنى مكاتب العالم، جاعلا لهم من حدائقها ميدانا لفنهم وخيالهم، وقد عرف «غونغورا» بالتباس في تأدية المعنى، وما ذاك إلا لتملك الطريقة العربية من نفسه، إلى حد لم يجد معه في مفردات لغته ما يستطيع أن يعكس بها ألوان معانيه الشرقية، لذلك تراه ينقل إليك بدمدمة غامضة، الآيات العظيمة التي رفعت نفسه إلى درجة الذهول.»
هذا ما قاله شاعر إسبانيا، ثم عدد تأثيرات النفوذ العربي في الشعر الإسباني والإيطالي والألماني، وقال: إن الأدب العربي أثر في أعظم من رفع للرومانطيقية لواءها، وبعد أن أورد أسماء كثير من الشعراء تأثروا بمؤثرات العرب، قال: إن التأثر بالأدب العربي البادي في آداب اللغة الإسبانية ظاهر في أناشيدهم الشعبية التي تمثل نفس أمته الشاعرة تستشف من خلالها إخاء الأمتين وإن النشيد الغرناطي لشديد الشبه بالنشيد البغدادي.
الموسيقى الأندلسية والرقص الأندلسي
هذا ما كان من الشعر وتأثيره في الغرب، أما الموسيقى فكان العرب في عامة أدوارهم مولعين بها منذ ذهبت عنهم وحشة البداوة، ومنهم الخلفاء والأمراء والقضاة والعلماء والفلاسفة
8
والأدباء، أعظموا قدرها في التهذيب
9
وأعطوها صدر المقام فيه، حتى تخوف بعض علماء الدين منها وبدءوا يفكرون هل الموسيقى جائزة شرعا، وما هو القدر الذي يباح منها، وهنالك تآليف كثيرة تعنى بالبحث في العلاقة بين الموسيقى وحسن الأخلاق وسلامة الدين، وقد خصص الغزالي قسما كبيرا من كتابه إحياء علوم الدين لهذا الموضوع، وألف كبار رجال الإسلام في فن الموسيقى فأبدعوا، وبدأت الموسيقى العربية تسري من الحجاز، نقلها إليه جماعة الموالي عن الفرس والروم، وكانت الجارية التي تحسنها يبالغ في قيمتها، ويتنافس فيها الملوك والعظماء والأغنياء، هكذا كان الحال في فارس والعراق والشام ومصر والأندلس، والمنكرون قلائل، والمسمعون والمستمعون كثار.
وكان المسمعات والموسيقاريات يتعلمن صنوفا من الأدب فيأخذن بمجامع القلوب، بل كان منهن من يجتمع له من أصناف العلوم ما لا يجتمع مثله إلا للأفراد مثل جارية ابن عبد الله المتطبب الأندلسي
10
Página desconocida