El Islam como Socio: Estudios sobre el Islam y los Musulmanes
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Géneros
12
لعل المثل السابق من مصر يوضح لنا كيف أنه لم يعد من الممكن، في الأوطان ذات التاريخ الحضاري العريق، تجاهل مصالح الأقليات غير المسلمة أو إغفالها عند اتخاذ القرارات والمواقف السياسية الحاسمة.
وربما كانت الحقيقة الأهم من كل ما سبق هي أنه توجد اليوم أكثر من أي وقت مضى مجالات حيوية واسعة لا يقدم فيها الدين توجيها كافيا «للحسم في قضايا ومشكلات جزئية لا حصر لها وتفرضها ضرورات الحياة اليومية.» وهنا يكون ربط هذه القضايا والمشكلات بالدين أمرا ممكنا عندما يتوسع أصحاب القرار في تفسير المبادئ الدينية توسعا شديدا. وإذا كان من الأمور الطبيعية والمفهومة أن يجد المسلمون في الإسلام «السند الخاص» الذي يلجئون له ويطمئنون إليه، فمن الخطر الشديد عليهم أن يتوهموا أنهم سيجدون الحل المناسب لمشكلات العصر كبيرها وصغيرها في الانصياع بلا تدبر كاف لتعاليم كساها القدم برداء الجلال والوقار. ولن ينصف الإسلام من يزعم أنه يطالب المؤمنين بمثل هذا الخضوع الأعمى. فالواقع أن الإسلام لا يسلب الإنسان حق البحث عن القرار الصحيح والكفاح في سبيل التوصل إليه.
وأخيرا فقد حاولت أن أقدم بعض التأملات في الدور السياسي للإسلام في عصرنا الحاضر. وإني لأتمنى أن أكون قد وفقت على الأقل في توضيح نقطتين: (1)
ليس الإسلام هو القوة الأصلية المحركة لموجة البعث الإسلامي التي نلاحظها اليوم في العالم. صحيح أن الدين المشترك هو أساس الشعور بالتضامن بين الشعوب الإسلامية كافة. ولكن العامل المشترك بين الحركات الإسلامية الراهنة لا يأتي من الدين، وإنما يأتي من الموقف التاريخي الذي تجد نفسها فيه مع كثير من الشعوب غير الإسلامية: وهو موقف التبعية للدول الصناعية الغربية، والبحث اليائس عن توجه يعينها على التحرر من تلك التبعية. (2)
وبصرف النظر عن هذا العامل المشترك الذي يجمع بين الشعوب الإسلامية والشعوب غير الإسلامية، فلا يمكن الحديث عن حركة إسلامية واحدة. إن العقيدة الإسلامية ليست على الإطلاق نظاما جامدا متصلبا يقسر المؤمنين به على سلوك محدد - كأن يقسرهم مثلا على الرجوع للعصور الوسطى كما يقول أحد الأحكام المتحيزة المنتشرة لدينا - إن العكس من ذلك تماما هو الصحيح، فأمام المسلم مجال واسع لتقديم تفسيرات خاصة للعقيدة والشريعة، ولاتخاذ قرارات خاصة قد تتقدم به إلى الأمام أو ترجع به إلى الوراء. ولقد تكونت لدى الشعوب المختلفة كما تكونت لدى الجماعات المتباينة حركات واتجاهات شديدة التنوع، وكلها تجد في الإسلام الثقة بالذات ، والهداية، والشرعية، والقوة الدافعة لها على حل مشكلاتها وتحقيق مصالحها. وهي جميعا تستحق من الغرباء عنها أن ينظروا إليها بعين الاحترام ويبذلوا الجهد الكافي لفهمها.
الفصل العاشر
عمر الأول1
(1972م) «أجل، إني لأهرب من مشيئة الله إلى مشيئة الله.»
عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)
Página desconocida