Islam en el siglo XX: su presente y su futuro
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Géneros
جاءت المدارس العصرية على أيدي الحكومات التي بلغ التنافر بينها وبين المحكومين حد العداء والاتهام بغير بحث ولا روية، فكان الناس يحسبون التلميذ المطلوب للمدرسة كالعامل المطلوب للسخرة، أو كالجندي الذي يساق إلى المشقة والوبال في غير مصلحة أو كرامة.
وجاءت المدارس العصرية أيضا على أيدي رسالات التبشير التي صارحت الناس في ظل الامتيازات الأجنبية بغرضها من فتح المدارس وقبول التلاميذ بغير أجر في كثير من البلدان؛ فأحجم المسلمون عن تعليم أبنائهم في مدارسها، وجاوزوا ذلك إلى سوء الظن بالعلم نفسه، وسوء الظن بنية المعلمين وإيمان المتعلمين.
وانقطع ما بين المسلمين وعلومهم الأولى، فندر فيهم من كان يتعلم النافع منها؛ كالفقه واللغة والأدب والرياضة، وانقطع ما بينهم وبين العلوم العصرية فنظر الكثيرون منهم إلى علوم الجغرافيا والطبيعة والكيمياء كأنها الكفر البواح أو السحر المزيف، واتصل ما بينهم وبين الخرافة والجهالة بهذا الانقطاع بينهم وبين العلم الصحيح قديمه وحديثه، فاصطبغ فهمهم للدين بصبغة الجهل والتخريف، وطلبوا الخلاص من غير بابه، وتوسلوا للعمل فيه بغير أسبابه، واتهموا الناصحين، وأسلموا مقادتهم للمدجلين والمحتالين.
في هذه الفترة كان الإسلام كما يفهم الجهلاء - والجهلاء هم الأكثرون في سائر الأمم - مزيجا من الخرافة والشعوذة ومن الطلاسم والأوهام، ومن الوثنية وعبادة الموتى.
في هذه الفترة كان بعض المتعالمين من أدعياء المعرفة يحكم بكفر القائلين بدوران الكرة الأرضية، ولا يتردد في تكفير من يسميها بالكرة.
وفي هذه الفترة كان طلاب الفتوى من مشارق الأرض ومغاربها يسألون عن الكبريت، هل يجوز مسه؟ وهل يجوز قدح النار منه؟ وطبخ الطعام على تلك النار؟ أو يأثم من يمس «صنفرته» لأنها من مادة نجسة تنقض الطهارة؟!
وفي هذه الفترة كان السائلون يسألون عن صناديق التوفير والادخار، وعن معاملات التجارة من طريق المصارف والشركات، ويحسبون أن اللياذ بالأضرحة والتوابيت وترتيل الأوراد والعزائم يغنيهم عن السعي والتدبير وعن الجهاد والاجتهاد.
وفي هذه الفترة على الإجمال كان المسلم يعيش في العالم كمن يمشي في خرابة مظلمة، لا يدري من أين تسري إليه عقاربها وحياتها، ومتى تخرج عليه أشباحها وشياطينها، وانقلب معنى الإسلام إلى معنى المخافة والاتهام؛ إذ كان أول معاني الإسلام أنه طمأنينة إلى الخالق وخلقه، وكان هذا الإسلام الذي صار إليه المسلمون مخافة لا سلم ولا سلامة، واتهاما لا تسليم فيه ولا مسالمة.
قلنا: إن الإفراط في الثقة بالنفس والاكتفاء بها كان فيما بعد الحروب الصليبية مضارعا للإفراط في سوء الظن بالأعداء، وتوهم الاستغناء عنهم، والريبة بكل ما يأتي من قبلهم، وقلنا: إنه اكتفاء بالذات وخيم المغبة في أمثال هذه الأحوال.
ونقول على الدوام: إنه ما من شر يخلو من بعض الخير، وما من ضرر مطلق إن كان معنى الضرر المطلق أنه لا يقبل الترياق أو لا يحتويه في كثير من الأحايين.
Página desconocida