وأمّا قول الفرَّاء: إنَّ النَّخّة أنْ يأخذ المصدّق دينارًا بعد فراغه من الصَّدقة، فكيف يجوز أن يُحْمَل عليه حديث رسول الله ﷺ، وهو يقول: "ليس في النَّخّة صَدَقة" (١). فأيَّة (٢) صَدَقة تكون في دينار أخذه المصدّق بعد فراغه من الصَّدَقة ظُلْمًا؟
ولو أراد هذا لقال: لا نَخَّة، ولقيل: نَهَى رسول الله ﷺ عن النَّخّة.
والبيت الذي استشهده لهذا القول، هو حجّتنا لما تأوّلناه لأنَّه قال:
عمّي الذي مَنَعَ الدّينار ضاحيةً ... دينار نَخّة كلْب وهو مَشْهُودُ
فذلك بإضافته الدّينار الى النَّخة، على أنَّه غيرها، وإنَّما أراد أنَّه كان يأخذ دينارًا عن نخَّتهم، وهي إبلهم العَوامل، فَمَنَعَه ذلك.
* * *
١٦ - وقال أبو عبيد (٣) في حديث النَّبي ﷺ حين ذكر أهل الجنَّة فقال: "لا يَبُولون ولا يتَغَوَّطون، إنَّما هو عَرَقٌ يجري من أَعْراضهم كالمِسْك (٤) ".
قال أبو عبيد: الأعْراض، مَغابِنُ الجَسَد التي تَعْرق. واحدها، عِرْض، قال: وليمس العرض في النَّسب من هذا في شيء. هذا قول أبي عبيد (٥).