فضجَّ المفضّل وأكثر، فقال له [الأصمعي]: (١) لو نفخْتَ بالشَّبُّور (٢) ما نَفَعك، تكلّمْ كلام النمل وأَصِبْ. وأخذ الرُّواة على الأصمعي في شعر الحارث (٣) بن حِلَّزة:
كما تُعْنَز عن حُجْرة الرَّبيض الظِّباءُ
فرجع إلى (تُعْتَر) (٤)، وهذا اكثر ممّا يحاط به أو يوقف من ورائه.
ولا نعلم أنَّ الله ﷿ أعطى أحدًا من البَشَر مَوْثِقًا من الغَلَط، وأمانًا من الخَطَأ، فيستكفّ له منها. بل وَصَل عباده بالعَجْز، وقَرَنهم [٢٤/ ٢] بالحاجة، ووصَفَهم بالضَّعْف والعَجَلة، فقال: "خُلِقَ الإِنْسانُ من عَجَل" (٥). و: "وخُلِقَ الإِنْسانُ ضَعيفا" (٦). و: "وفَوْقَ كلِّ ذي عِلْم عليم" (٧).
ولا نعلمه خص بالعِلْم قومًا دون قوم، ولا وَقَفه على زَمَن دون زَمن، بل جعَلَه مشْتركًا مقسومًا بين عباده، يفتح للآخر منه ما أغْلَقه عن الأَوَّل، وينبّه المُقِلّ فيه على ما أغْفَل (٨) عنه المكثر، ويحييه بمتأخّر