والواجب في ذلك الإمساك عما شجر بينهم، وذكر محاسنهم لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيجري بين أصحابي هنيهة يغفرها الله لهم لسابقتهم، فإياكم وما شجر بينهم، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه» «3» وقال عز وجل: والذين جاؤ من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان (الحشر: من الآية 10) وقال عز وجل: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان (التوبة: من الآية 100) فأسأل الله البديع أن يحشرنا في زمرتهم، وأن يغفر لنا ولهم بمحبتهم، ويبغض إلينا من يبغضهم، فقد روى في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن الله عز وجل إذا علم من عبد أنه يبغض صاحب بدعة غفر الله له وإن قل عمله»، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه إيمانا وأمنا» «1».
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من أهان صاحب بدعة أمنه الله من الفزع الأكبر» «2» فليس يبغضهم إلا مشرك كافر لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه: (يا علي يخرج قوم من قبل المشرق يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون) «3».
وعلامة ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وحكى أن أبا نواس روئى في المنام فقيل له ما فعل الله بك؟
فقال: غفر لي. فقيل له: بم؟
فقال: بأربعة أبيات قلتها. فقيل له: وما هي؟ قال هي:
إني رضيت أبا حفص وشيعته ... كما رضيت عتيقا صاحب الغار
وقد رضيت عليا قدوة علما ... وما رضيت بقتل الشيخ في الدار
كل الصحابة عندي قدوة علما ... فهل علي بهذا القول من عار
إن كنت تعلم أني لا أحبهم ... إلا بوجهك فأعتقني من النار
Página 402