Isbah sobre Misbah
الإصباح على المصباح
Géneros
فالجواب: أن ظاهر احتجاج أصحابنا يقضي بما ذكرته، ولكن نسلك في الاحتجاج بهذا الدليل إلى مسلك آخر لا يبقى فيه مطعن، فنقول: إن جواز الإمامة فيهم عليهم السلام وفي غيرهم حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل قاطع، وقد ثبت لنا بالطريقة القاطعة جوازها فيهم -عليهم السلام- لأنه لما افترق الناس على قولين: أحدهما: قول أصحاب النص، والثاني: قول بقية الأمة، وقد ثبت بالدليل القاطع بطلان قول أصحاب النص وتعين الحق في قول الباقين، وصارت صحته قطعية وإلا خرج الحق عن أيدي الأمة، فثبت لنا جوازها فيهم -عليهم السلام- بدليل قاطع، ولم يحصل دليل قاطع مثل هذا على جوازها في غيرهم، والأصل عدم الجواز فيبقى هذا الجواز في حق غيرهم منتفيا على الأصل، وعدم الدليل في الشرعيات دليل على العدم، وإلا لجوزنا تكاليف شرعية ولا دليل عليها، وفيه هدم الشرائع وبطلان التكاليف وأنه محال.
فإن قيل: لا نسلم أن الأصل عدم الجواز، بل الأصل بعد ثبوت وجوب الإمامة، ولزوم نصب الإمام جوازها فيمن صلح لذلك وحصل بقيامه وانتصابه الغرض المقصود منها، فإذا كان المقصود من الإمامة حفظ بيضة الإسلام وحماية سرحه أن يضام، وسد الثغور، ونظم أمور الجمهور، وإقامة الجمع والحدود، ونصب الحكام، وقبض أموال الله وصرفها في مصارفها، وأداء فريضة الجهاد، وإجراء جميع ما ذكر على القوانين الشرعية والقواعد النبوية المرضية، فمن المعلوم أن ذلك لا يتوقف على منصب مخصوص ولا يتعذر فيمن صلح له من غير أهل البيت، فيعلم جواز إمامة من صلح لذلك منهم ومن غيرهم، ويكون ذلك هو الأصل المرجوع إليه إلا لدليل ينقل عنه، وقد ادعى الإمام المهدي -عليه السلام- أن قيام الدليل الشرعي على وجوب الإمامة كما يدل عليه، فهو يدل على جواز نصب كل من صلح للقيام بالمقصود منها، ويحصل العلم بذلك، قرشيا كان أو غيره، هاشميا كان أو غير هاشمي.
Página 149