Isbah sobre Misbah
الإصباح على المصباح
Géneros
وأيضا فلا معنى لقول من قال: بأنه إذا لم يعلم أو يظن التأثير يصير عبثا إذ أقل درجاته أن يكون من الذكر الحسن، وقد صدر ذلك من الأنبياء -عليهم السلام-، وذلك معروف لمن نظر بعين البصيرة فأين العبث؟ ويؤيد ذلك قوله تعالى: {قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون}[الأعراف:158] فإنه أمر الناس جميعا بالإيمان به والاتباع له، وقد قال تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}[يوسف:103] فقد دعا إلى الإيمان من علم أنه لا يؤمن، والله أعلم.
والثالث: أن يعلم أو يغلب في ظنه أنه إن لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر أدى إلى تضييعهما، نحو أن يرى آلات الملاهي المعتادة موضوعة والخمر حاضر، أو من يريد الشرب واقفا أو يشاهد الغير يصلي مع أن وقت الصلاة قد آذن بالزوال؛ لأن الغرض وقوع المعروف وألا يقع المنكر، فمتى علم أو غلب في ظنه زوال هذا الغرض لم يجب ولم يحسن إلا لغرض الوعظ والتذكير والزجر عن مثله، والأمر بالتوبة عنه ونحو ذلك.
الرابع: أن لا يخاف تلفا ينزل به أو بأطرافه أو بماله المجحف أو الضرر به أو حبسه الطويل الذي يختار الضرر عنده والضرر حدوث علة أو زيادتها أو استمرارها، قيل: أو بطء برئها، فإن خاف ذلك لم يجب عليه اتفاقا؛ لأن عند خوف التلف نحو قد أباح له الشرع ما هو منكر، كأكل الميتة وشرب الخمر، والأخذ من مال الغير مالا يضر به، والتلفظ بكلمة الكفر ونحو ذلك، فبالأولى أن يباح له ترك الأمر والنهي عند مثل هذا الخوف.
Página 115