والمعنى الثاني وهو أكثر الأمرين وأعظمهما وأجلهما خطرا وأصعبهما, وهو أن يكون بعض من يؤثر عنه تعلم من غير علم آبائه, واقتبس علمه من غير علم أجداده, ولم يستنر بنور الحكمة من علمهم, ولم يستضئ عند إظلام الأقاويل بنورهم, ولم يعتمد عند تشابه الأمور على فقههم, بل جنب عنهم إلى غيرهم, واقتبس ما هو في يده من علم أضدادهم, فصار علمه لعلم غيرهم مشابها, وصار قوله لقولهم صلوات الله عليهم مجانبا, إذ علمه من غيرهم اقتبسه, وفهمه من غير زنادهم أزدنده, فاشتبه أمره وأمر غيرهم, وكان علمه كعلم الذين تعلم من علمهم, وقوله كقول من نظر في قوله, وضوء نوره كضوء العلم الذي في يده, وكان هو ومن اقتبس منه سواء في المخالفة لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإقتداء, وإن كان منهم في نسبه, فليس علمهم كعلمه, ولا رأيهم-فيما اختلف فيه الحكم-كرأيه, والحجة على من خالف من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالحجة على غيرهم من سائر عباد الله, ممن خالف الأصول الموصلة وجنب عنها.
Página 36