322

منها: أن يكون المكلف معتقدا أنه مصيب فيما أخطا فيه، وهذا داء مستحكم لا يزول أبدا مادام مستحكما، ولا تخرجه التوبة عن استحكامه، وإنما تخرج إذا تغير استحكامه ؛ وذلك أن يعرف أنه مخطئ في اعتقاده، وهذا هو المانع من توبة المخالفين لنا، والرجوع إلى الحق من أهل البدع والأهواء، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} الآية.

وعلى هذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أعوذ بالله من ذنب لا أستغفر الله منه) قيل: يا رسول الله وكيف هذا؟) قال: (نعم أقوام في آخر الزمان يبتدعون البدع، يدينون الله بها لا يستغفرون الله منها حتى يموتوا).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله حجر التوبة عن كل صاحب بدعة).

ومنها: أن يكون المانع القنوط والأياس من رحمة الله، كما قال تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}(1) وذلك أنه إذا قنط وأيس من قبول التوبة صرفه ذلك عن فعلها، كما أن من وقع معه الأياس من زوال دائه بالأدوية يصرفه ذلك عن استعمالها، وهذا المانع بنفسه ذنب عظيم يجب أولا أن يستغفر الله منه، فإنا قد بينا أولا قبول التوبة فيما سبق وما نطق به في ذلك الكتاب والسنة.

ولهذا جاء حبيب بن الحارث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني رجل مقراف للذنوب. قال: (فتب إلى الله يا حبيب) فقال: يا نبي الله إني أتوب ثم أعود. قال: (كلما أذنبت فتب قال يا نبي الله إذن تكثر ذنوبي قال:عفو الله أكثر من ذنوبك يا حبيب).

وعن على عليه السلام "العجب ممن يقنط ومعه النجاة! قيل: وما النجاة ؟ قال: الاستغفار".

Página 329