العين
اعلم أن العين إنما خلقت لك لتنظر بها إلى غرائب الحكمة، وعجائب الصنعة لتفكر فتعلم فتعمل فتطيع فتنعم.
قال الله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت}(1) الآية.
ولوجه آخر: وهو أن تهتدي بها في ظلمات البر والبحر، وتستعين بها في الحاجات والطاعات والمباحات، فمن استعملها في غير ما خلقت له عاد وبال ذلك إليه، وصار ما كان له عليه، فانعشها عن القذرات، واجنبها جميع الآفات.
واعلم أن آفات العين أربعة:
الآفة الأولى: أن تنظر بها إلى غير محرم، أو تنظر بها إلى صورة مليحة لشهوة، أو إلى عورة فإن هذه الآفة عظيمة الخطر، كثيرة الضرر، تزرع في القلب سنبل الشهوة يانعا فيقبل كل واحد من الأعضاء إلى اجتناء ثمرته طائعا، وتولد لصاحبها الغفلة فلا يكاد يستعمل عقله، وحسبك أنها محركة لجميع الأعضاء إلى المعصية، ومضلة للإنسان مغوية تنسيه نفسه وعقله وحياء ه وأدبه وحرمته ودينه، وتنسيه مع ذلك ربه وقدرته وعقوبته ونعمته، وهذه غاية البوار.
واليه أشار النبي المختار صلى الله عليه وعلى اله الأطهار بقوله: (وإياكم وفضول النظر فإنه يبذر الهوى، ويولد الغفلة) (2).
Página 31