وعن النبي أنه قال: (لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار) (4) وعنه صلى الله عليه وآله وسلم (لكل شئ حيلة وحيلة الذنوب التوبة) (5) وسنبين إنشاء الله كيفية أدائها وتفاصيلها عند الكلام في الطاعات فإنها من أعظم الطاعات وانفعها ومن الله نستمد التوفيق، وإياه أسأله المعونة والتأييد لما يحب ويرضى وإذا قد بان لكل أساس النجاة، والطهور الراحض للسيئات الذي ينتفع معه بالحسنات فلنرجع إلى بيان ما يختص كل عضو من الأعضاء العاملة في الفضائل والرذائل والله تعالى الهادي للصواب بفضله.
اعلم أن المعصية الواحدة تكبر وتعظم وتزايد بحسب أحوال يكون عليها العاصي والمعصي والآن نرشد إلى طرف منها إنشاء الله تعالى.
الإرشاد إلى ما تتعاظم معه المعصية الواحدة التي تصير بمنزلة
معاص كثيرة
واعلم أن الأمور التي بها تتعاظم المعاصي كثيرة قد شرحها العلماء في كتبهم وننبه الآن على خصال يسيرة من ذلك إنشاء الله تعالى.
منها: خصلة أولى وهي أن يكون العاصي خادم المعصي وعبده، فإن معصيته تكون أعظم من معصية غير عبده له، وسواء كان المعصي شريفا أو وضيعا، فقد عظمت معصية عبده له بسبب الرق، وهذه حالتنا مع الله تعالى فإنا عبيده وخدمه من كل وجه بل نحن على أعظم من ذلك، فإنه ما من عبد لمالك آدمي إلا وكان يصح أن لا يكون له عبدا، فإنه إنما تملكه بتمليك الله له إياه، وعلى هذا قال النبي: (انتم بنوا آدم طف الصاع لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى) (1).
Página 21