128

I'rab al-Qiraat al-Sab' wa Ilaluha

إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الطَّائِفِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ، قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ بَصَرُهُ وَيَبْكِي فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ لِي: هَلْ تَعْرِفُ أَيْلَةَ؟ قُلْتُ وَمَا أَيْلَةُ؟ قَالَ: هِيَ قَرْيَةٌ كَانَ فِيهَا نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ صَيْدَ الْحِيتَانِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ فَكَانَتْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا سِمَانًا فَتَرْبَضُّ بِأَقْبِيَتِهِمْ وَأَبْنِيَتِهِمْ، فَإِذَا طَلَبُوهَا فِي غَيْرِ السَّبْتِ لَمْ يُدْرِكُوهَا إِلَّا بمئونة شَدِيدَةٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، أَوْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: لَعَلَّنَا لَوْ أَخَذْنَاهَا فَأَكَلْنَاهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّبْتِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْهُمْ فَاصْطَادُوا وَشَوَوْا، فَلَمَّا شَمَّ جِيرَانُهُمْ رَائِحَةَ الشِّوَاءِ، قَالُوا: أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ بَنِي فُلَانٍ لَمْ يُعَاقَبُوا؟ وَفَشَا فِيهِمْ ذَلِكَ الْفِعْلُ حَتَّى افْتَرَقُوا فِرَقًا ثَلَاثًا: فِرْقَةٌ أَكَلَتْ، وَفِرْقَةٌ نَهَتْ، وفرقة قالوا: ﴿اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾.
فَأَمَّا الْفِرْقَةُ الَّتِي نَهَتْ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يَا قَوْمِ إِنَّا نُحَذِّرُكُمْ غَضَبَ اللَّهِ وَعِقَابَهُ وَأَنْ يُصِيبَكُمْ بِمَسْخٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ خَسْفٍ، أَوْ بِبَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَاللَّهُ لَا نُبَايِتُكُمْ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ خَرَجُوا عَنْهُمْ، وَغَدَوْا عَلَيْهِمْ فَقَرَعُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ بَابَ الْقَرْيَةِ فَلَمْ يُكَلِّمُهُمْ أَحَدٌ، فَجَاءُوا بِسُلَّمٍ وَأَسْنَدُوهُ إِلَى السُّورِ، وَرَقَى مِنْهُمْ رَاقٍ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ، قَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ فَإِذَا هِيَ قِرَدَةٌ لَهَا أَذْنَابٌ تَعَاوَى يَقُولُهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ نَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ، فَعَرَفَتِ الْقِرَدَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ، ولم يعرف الإنس أنسابها من القردة، فكانت الْقِرَدَةُ تَأْتِي نَسِيبَهَا وَقَرِيبَهَا مِنَ الْإِنْسِ فَتُحَرِّكُ بِهِ وَتُشِيرُ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ: أَنْتَ فُلَانٌ فَيُشِيرُ بِرَأْسِهِ، أَيْ: نَعَمْ وَيَبْكِي، وَكَانَتِ الْقِرَدَةُ تَأْتِي نسيبها وَقَرِيبَهَا مِنَ الْإِنْسِ فَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالُوا لَهُمْ: أَمَّا إِنَّا فَقَدْ حَذَّرْنَاكُمْ غَضَبَ اللَّهِ وَعِقَابَهُ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِمَسْخٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ خَسْفٍ، أَوْ بِبَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾.
وَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَتِ الْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ، فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مُنْكَرًا فَلَمْ نُغَيِّرْهُ؟ ! قَالَ عِكْرِمَةُ:
فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَنْكَرُوا حِينَ قَالُوا: ﴿لِمَ تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شَدِيدًا﴾. قَالَ: فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَرَ له ببردين غليظين كساه بهما.

1 / 130