El equilibrio en la creencia
الاقتصاد في الاعتقاد
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
Géneros
Doctrinas y sectas
مستقذر، بل في الطبع ما هو أعظم من هذا فإن الأسامي التي تطلق عليها الهنود والزنوج لما كان يقترن قبح المسمى به يؤثر في الطبع ويبلغ إلى حد لو سمى به أجمل الأتراك والروم لنفر الطبع عنه، لأنه أدرك الوهم القبيح مقرونًا بهذا الاسم فيحكم بالعكس، فإذا أدرك الأسم حكم بالقبح على المسمى ونفر الطبع. وهذا مع وضوحه للعقل فلا ينبغي أن يغفل عنه لأن إقدام الخلق وإحجامهم في أقوالهم وعقائدهم وأفعالهم تابع لمثل هذه الأوهام. وأما اتباع العقل الصرف فلا يقوى عليه إلا أولياء الله تعالى الذين أراهم الله الحق حقًا وقواهم على اتباعه، وإن أردت أن تجرب هذا في الاعتقادات فأورد على فهم العامي المعتزلي مسألة معقولة جلية فيسارع إلى قبولها، فلو قلت له إنه مذهب الأشعري ﵁ لنفر وامتنع عن القبول وانقلب مكذبًا بعين ما صدق به مهما كان سيء الظن بالأشعري، إذ كان قبح ذلك في نفسه منذ الصبا. وكذلك تقرر أمرًا معقولًا عند العامي الأشعري ثم تقول له إن هذا قول المعتزلي فينفر عن قبوله بعد التصديق ويعود لي التكذيب. ولست أقول هذا طبع العوام بل طبع أكثر من رأيته من المتوسمين باسم العلم؛ فإنهم لم يفارقوا العوام في أصل التقليد بل أضافوا إلى تقليد المذهب تقليد الدليل فهم في نظرهم لا يطلبون الحق بل يطلبون طريق الحيلة في نصرة ما اعتقدوه حقًا بالسماع والتقليد، فإن صادفوا في نظرهم ما يؤكد عقائدهم قالوا قد ظفرنا بالدليل، وإن ظهر لهم ما يضعف مذهبهم قالوا قد عرضت لنا شبهة، فيضعون الاعتقاد المتلقف بالتقليد أصلًا وينبزون بالشبهة كل ما يخالفه، وبالدليل كلى ما يوافقه، وإنما الحق ضده؛ وهو أن لا يعتقد شيئًا أصلًا وينظر إلى الدليل ويسمي مقتضاه حقًا ونقيضه باطلًا وكل ذلك منشؤه الاستحسان والاستقباح بتقديم الإلفه والتخلق بأخلاق منذ الصبا. فإذا وقفت على هذه المثارات سهل عليك دفع الاشكالات. فإن قيل: فقد رجع كلامكم إلى أن الحسن والقبيح يرجعان إلى الموافقة والمخالفة للأغراض، ونحن نرى العاقل يستحسن ما لا فائدة له فيه ويستقبح ما له فيه فائدة. أما الاستحسان فمن رأى إنسانًا أو حيوانًا مشرفًا على الهلاك استحسن إنقاذه ولو بشربة ماء معأنه ربما لا يعتقد الشرع ولا يتوقع منه غرضًا في الدنيا ولا هو بمرآى من الناس حتى ينتظر عليه ثناء بل يمكن أن يقدر انتفاء كل غرض ومع ذلك يرجح جهة الانقاذ على جهة الاهمال بتحسين هذا وتقبيح ذلك. وأما الذي يستقبح مع الأغراض، كالذي يحمل على كلمة الكفر بالسيف والشرع قد رخص له في اطلاقها، فإنه قد يستحسن منه الصبر على السيف وترك النطق به. أو الذي لا يعتقد الشرع وحمل بالسيف على نقض عهد، ولا ضرر عليه في نقضه وفي
1 / 93