كما بيَّن أن كل اجتماع عام يحدثه الناس، ويعتادونه، في زمان معين أو مكان معين، أو هما معًا، فإنه عيد، كما أن كل أثر من الآثار القديمة أو الجديدة، يحييه الناس، ويرتادونه؛ فإنه يكون عيدًا؛ وذلك كأسواق الجاهلية، وآثارها، وأوثانها.
فقد كان للناس قبل الإسلام أعياد زمانية ومكانية كثيرة، وكلها حرّمها الإسلام وأماتها، وشرع للمسلمين عيدين فقط.
فقد دلت السنة على ذلك بوضوح وصراحة، كما دل عليه فعل المسلمين في صدر الإسلام، وإجماعهم، وما أُثر عنهم من النهي عن ذلك والتحذير منه أكثر من أن يحصى، وقد ذكر المؤلف الكثير منه.
فإذا عرفنا ذلك، وعرفنا أن ما شاع بين المسلمين من أعياد واحتفالات لم يكن يفعله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل نهى عنه، ولم يكن الصحابة ولا التابعون خلال القرون الفاضلة يفعلون ذلك، بل كانوا ينهون عنه ويحذرون من الوقوع فيه؛ فهذا يكفي للحكم على هذه الأعياد والاحتفالات المحدثة بأنها دسيسة من دسائس المبطلين، وغفلة وجهل من أكثر المسلمين، مهما بررها الناس ورضوها، والتمسوا لها الفتاوى والتأويلات التي لا تستند إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فأي عيد أو احتفال ليس له في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصل، ولم يعهد في عصر الصحابة، والقرون الفاضلة، فإنما قام على الباطل، ويقال لمن فعله أو أحله: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ١١١] (١) ولن يجدوا إلا قول من سبقوهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢] (٢) .
_________
(١) سورة البقرة: من الآية ١١١.
(٢) سورة الزخرف: من الآية ٢٢.
1 / 56