فإن الله ﷾ قد فرض الحج على جميع الناس ملوكهم، وسلاطينهم، ووزرائهم، ولم يعذر الله إلا من كان فقيرًا عاجزًا لا يستطيع إليه سبيلًا.
وأما ما ذكره من كون أكثر الحجاج من فقراء أهل الأمصار المذكورين في السؤال، لا يدل على أن الحج واجب عليهم دون من عَدَاهم من الملوك والوزراء والأغنياء، فمن كان مؤمنًا بالله ورسوله، سالمًا من شوائب الشرك والبدع والمعاصي ١ فهو على نور من ربه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وأما من ترك الحج من هؤلاء وهؤلاء، أو من العلماء المصلحين وهو قادر عليه، وليس له عذر شرعي ففي ذلك من الوعيد الشديد ما صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ أنه قال: - "لقد هممت أن أبعث عمَّالًا إلى الناس، فينظرون إلى من ترك الحج وهم قادرون عليه، فأضع عليهم الجزية، ما هم عندي بمسلمين".
وعن علي ﵁ قال: - قال رسول الله ﷺ: - من ملك زادًا وراحلة تبلِّغه إلى بيت الله، ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا، وذلك أن الله يقول: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] رواه الترمذي والبيهقي من رواية الحارث عن علي ٢
_________
١ في الأصل: - "الماضي"
٢ أخرجه الترمذي في كتاب الحج من سننه – باب ما جاء في التغليظ في من ترك الحج – من طريق هلال بن عبد الله حدثنا أو إسحاق الهمداني عن الحارث عن علي..=
1 / 58