وجهمية، وأهل بدع، ولهو ولعب ومعاصٍ، لا يعرفون حدود ما أنزل الله على رسوله، وقد قال بعض العلماء فيما هو دون ذلك: ـ
إذا حججت بمالٍ أصلهُ سُحْتُ ... ما حَجَجْتَ ولكن حَجَّتِ العِيْرُ
لا يقبَلُ اللهُ كلَّ صالحةٍ ... ما كلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ مَبْرُورُ
والذي ينبغي للمسلم إذا كان واقفًا بعرفةَ أن يشتغل بذكر الله، والدعاء، والاستغفار، والتسبيح، والتهليل، والثناء على الله، ويكثر من أدعية القرآن، كما ذكر ذلك أهل العلم في مناسكهم.
وأما قوله: "وهل هذان البناءان حدٌّ فاصل بين الله والناس، أو بين الجنة والنار".
فالجواب أن يقال: ليس بناء العلمين حدًا فاصلًا بين الله والناس، ولا بين الجنة والنار، ولا يورد مثلَ هذا السؤال ويستشكله إلا من هو أبلد الناس، وأبلههم، وأشدِّهم غباوةً، وأنجسهم عقلًا ورأيًا، فقد كان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله ﷾ فوق سماواته على عرشه، بائنا ١ من خلقه، وأدلة ذلك من الكتاب، والسنة، وكلام سلف الأمة وأئمتها في ذلك أكثر من أن يحصر، وأشهر من أن يذكر، وذلك مبسوط في محله.
وأيضًا فقد كان من المعلوم أن الجنة فوق السموات في أعلا عليين، وأن النار تحت الأرض السابعة في أسفل سافلين، فكيف يكون العلمان حدًا فاصلًا بينهما، أو بين الله والناس هذا لا يقوله
_________
١ كذا في الأصل ولعل الصواب: "بائنٌ".
1 / 46