وأما منع الناس من أكلها فمن الظلم والعدوان، والدفعِ في نحرِ ما شرعه الله ورسوله من التوسعة على المسلمين وعلى فقرائهم.
وأما كون ذلك لازمًا، ومن المناسك التي لا يتم الحجُّ إلا بها فمعاذ الله، ولا يقول ذلك من يؤمن بالله ورسوله، أو يدري ما يقول، بل لا يقول ذلك إلا من هو أضل من حمار أهله.
واعتقد أن ذلك لازم، وأنه لا يتم الحج إلا به من أوهام الزنادقة، وإدخالهم في الدين ما لم يأذن به الله، ليلبَّسوا على الناس أمور دينهم، فلا يستريب في ذلك إلا من هو من أجهل الناس، وأبعدهم عن سلوك الصراط المستقيم.
وأما قوله: "ولا يخفاكم مبلغ النقود الطائلة التي يدفعها الحجاج سنويًا ثمنًا لهذه اللحوم، إذ هي لا تقل عن خمسين ألف جنيه، فما قولكم لو صرفوا هذه المبالغ على إصلاح آبار مكة، وطرقها، وتكاياها، وتنظيفها ١ وعلى كل ما يعود على الحجاج بالراحة والصحة والسلامة".
فالجواب أن يقال لهؤلاء الزنادقة: قد كان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن معارضةَ ما شرعه الله ورسوله من ذبح الذبائح، ونحر النحور، وإهراق الدماء طاعة لله، وامتثالًا لأمره، وإحياء لسنة الخليلين عليهما الصلاة والسلام، بأوهام هؤلاء الضلال وآرائهم، وزبالة أذهانهم، ونتائج أفكارهم التي هي جِيَفُ الوجودِ، وريح المقاعد: مِنْ أبطلِ الباطلِ، وأضلِّ الضلال.
_________
١ في الأصل: "تنضيفها".
1 / 42