المحبة إلا له، وكل محبةٍ سوى محبته فالمحبة له باطلة – أولى بأن يشرع لعباده الجهاد الذي هو غاية ما يتقرب به إلى إلههم وربهم.
وكانت قرابين من قبلهم من الأمم ذبائحهم وقرابينهم تقديمُ أنفسهم للذبح في الله مولاهم الحق، فأي حسن يزيد على حسن هذه العبادة، ولهذا ادّخرها الله لأكمل الأنبياء، وأكمل الأمم، عقلًا وتوحيدًا، ومحبة لله.
وأما الضحايا والهدايا فقربان إلى الخالق سبحانه تقوم مقام الفدية عن النفس المستحِقَّة للتلف فديةً وعوضًا وقربانًا إلى الله، وتشبُّهًا بإمام الحنفاء، وإحياء لسنته، أنْ فدى الله ولدَه بالقربان، فجعل ذلك في ذريته باقيًا أبدًا.
وتأمل حكمة الرب تعالى في أمره إبراهيم خليله ﷺ بذبح ولده، لأن الله اتخذه خليلًا، والخلة منزلة تقتضي إفراد الخليل بالمحبة، وأن لا يكون له فيها منازعٌ أصلًا، بل قد تخللت محبته جميعَ أجزاء القلب والروح، فلم يبق فيها موضع خالٍ من حبه، فضلًا عن أن يكون محلًا لمحبة غيره.
فلما سأل إبراهيمُ الولدَ وأُعْطِيَه، أخذ شعبة من قلبه، كما يأخذ الولد شعبة من قلب والدِه، فغار المحبوبُ على خليله أن يكون في قلبه موضعٌ لغيره، فأمره بذبح الولد ليخْرجَ حُبَّه من قلبه، ويكون الله أحبَّ إليه، وآثر عنده، ولا يبقى في القلب سوى محبتِه، فَوَطَّن نفسَه على ذلك، وعزم عليه، فخلصت المحبةُ لوليِّها ومستحقها، فحصلت مصلحةُ المأمور به من العزم عليه، وتوطين النفس على
1 / 40