دعوة إلى السنة في تطبيق السنة منهجا وأسلوبا
دعوة إلى السنة في تطبيق السنة منهجا وأسلوبا
Editorial
بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
فالإخلاص وحده لا يكفي حتى يَنْضمّ إليه الصواب.
ومن الأمثلة كذلك التي توضح هذا الأمر: أن تَجِد مَنْ يُدرِك علميًا أن إعفاء اللحية من السنّة، لكنه من الناحية العملية تراه يأتي بالسنّة بطريقة تسيء إلى السنّة حيث يعفي لحيته لكنه مثلًا لا يعتني بنظافتها، ولسان حاله يقول هذه هي السنّة، بل هو يدعو إلى إعفاء اللحية، وإذا سئل يقول هي سنّة أو أعفيتها لأنها سنّة، فَيَنْظُرُ عامّة الناس إلى تطبيقه لهذه السنّة على معنى أنه قُدْوة في هذه السنّة التي يدعو إليها، فَيَرَوْن حاله، وقد لا يَقْبلون الاقتداء به في هذه السنّة نظرًا لما لابَسَها في التطبيق العمليّ من تصرف يسيء إليها!! وإن أَنْكَرتَ عليه ربما قال لك: "البذاذة١ من الإيمان"٢ وربما ظنه: البذاءة من الإيمان!. وربما قال لك: "نُهِينا عن التكلف"٣. وما عَلِم أن
_________
١ البذاذة: رثاثة الهيئة. قال ابن الأثير: البذاذة رثاثة الهيئة. يقال: بذُّ الهيئة، وباذُّ الهيئة، أي رثُّ اللبسة. أراد التواضع في اللباس وترْك التبجّح به. النهاية في غريب الحديث: ١/١١٠.
٢ رُوي بطرق لا تخلو من كلام، لكن قد يَجْبر بعضُها بعضًا، وذكره الألباني في: سلسلة الأحاديث الصحيحة ١/٦٠١ برقم ٣٤١.
٣ قاله عمر بن الخطاب ﵁، أخرجه البخاري، ٩٦-الاعتصام بالكتاب والسنة، باب رقم ٣، الفتح١٣/٢٦٤. وقد قال الله تعالى آمرًا رسوله أن يقول: ﴿وما أَنَا مِن المتكلِّفِيْنَ﴾؛ فهذا مبدأٌ من مباديء الإسلام في حياة الإنسان وفي هدْي الدين، ولكنّ الخطأ هنا في أمرين: الأول: وضْع هذا النص في غير موضعه. الثاني: التكلف في تطبيق السنن. فلا هذا صحيح ولا ذاك. ومِن تطبيقات هذا التكلف في فهم السنن، الاستنباط للسنن مِن أفعال الرسول ﷺ، لا مِن أقواله، في حين أن دلالة الفعل على درجة المشروعية ليست مما يُستنبط مِن الفعل وحده، بل لابدّ مِن القول الذي يُحدِّد درجة الطلب في الشرع؛ وبهذا يتبين خطأ بعض الناس الذين بمجرد أن وَقفوا-أو وُقِّفوا- على رواية عن الرسول ﷺ، بأنّ أحد الصحابة شاهده مفتوحٌ إزرار جيبه، أي فتحة ثوبه على صدره، بمجرد هذه الرواية جعل ذلك سنّةً!. والقاعدة أن الفعل وحده لا يدلّ على الوجوب.
1 / 74