مقرا للخلافة العباسية التي لم يكن لها أي سلطة تذكر، وإنما كان وجودهم مظهرا دعائيا حرص سلطان المماليك على وجوده تسكينا لنفوس الناس وصرفا لهم عن التفكير في شرعية حكمهم. ولا أدل على ذلك من الإهانات والاعتقالات التي كان يلقاها الخلفاء من المماليك حتى أنه ليصل الأمر إلى عزل الخلفاء واستبدالهم كما أرادوا «١».
ولا بد أن هذه الحوادث جميعا، قد أحدثت أثرا بارزا في الرأي العام للأمة وبالأخص العلماء، لأنهم هم الممثلون الحقيقيون لها، فتميزت تلك الفترة- فترة حياة الطوفي- ٦٥٧ - ٧١٦ هـ- ببروز مجموعة كبيرة من العلماء العاملين المجاهدين في سبيل الله، وقفوا في وجه أعداء الإسلام من الصليبيين والتتار، فهذا ابن تيمية- ﵀ «٢» - يشارك في قتال التتار هو ومجموعة من أعيان المسلمين ضد التتار لما حاصروا دمشق، وسافر سنة سبعمائة إلى مصر ليستحث واليها على قتالهم، ويشارك في بعض المعارك ضدهم كمعركة" شقحب" سنة ٧٠٢ هـ «٣».
وللعز بن عبد السلام والإمام النووي- رحمهما الله- مواقف جليلة في نصرة الحق سواء ضد التتار أو الصليبيين أو في القضاء على الفساد الضار بالمسلمين الناجم عن تساهل السلاطين «٤».
_________
(١) انظر البداية والنهاية ١٤/ ١٧٦ - ١٨٠.
(٢) ستأتي ترجمته في شيوخ الطوفي- إن شاء الله-.
(٣) انظر البداية والنهاية ٤/ ٧/ ١٥، ١٦، ٢٣، ٢٤.
(٤) انظر حسن المحاضرة ٢/ ٧١، وطبقات الشافعية ٥/ ٨٤.
1 / 27