الرسول، وأنه لا يجوز أن يكون النبي ﷺ قال ذلك ساهيًا ولا ناسيا، سوى كان من كلامه أو ممّا أنزل عليه ونُسخ، كما سنوضحه إن شاء الله.
وإن رسول الله ﷺ يجوز منه ويصح أن ينسى شيئًا من القرآن بعد تبليغه، وسَيُذَكره ويستثبتُه من حفاظ أمته، وأنه يجوز أن يسهو عن بعض عباداته التي أمر بها، ويوقعها على غير الوجه الذي أخذ عليه، مثل ما كان منه من السهو في الصلاة، وأن ذلك أجمع غيرُ قادح في نبوته ولا مقتضي الارتياب به، ولا حاط له عن رتبة الفضل والكمال.
وأن رسول الله ﷺ سنَّ جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك وأملاه على كتبته، وأنه لم يَمُتْ ﷺ حتى حفظ جميع القرآن جماعة من أصحابه، وحفظ الباقون منهم سائرهُ مُتَفرِّقًا، وعرفوا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك أحد ممن ليس من الحفاظ لجميع القرآن.
وأن أبا بكر وعمرَ وزيدَ بن ثابت وجماعة الأمة أصابوا في جمع القرآن
بين اللوحين، وتحصينه وإحرازه وصيانته، وجَرَوا في كِتبتِهِ على سننِ
الرسول وستته ﷺ تسليمًا، وأنهم لم يثبتوا منه شيئًا غير معروف، ولا ما تقم الحُجة به، ولا أجمعوا في العلم بصحة شيء منه وثبوته إلى شهادة الواحد والاثنين ومن جرى مجراهما، وإن كانوا قد أشهدوا على النسخة التي جمعوها على وجه الاحتياط من الغلط، وطريق الحكم والإنفاذ.
وأن أبا بكر ﵁ قد أحسنَ وأصاب، ووفَق لفَضل عظيم في
جمع الناس على مصحف واحد وقراءات محصورة، والمنع في غير ذلك.
وأن عليّ بن أبي طالب ﵁ وعترتَه، وشيعته متبعون لرأي أبي بكر
وعثمان، في جمع القرآن، وأن عليا أخبر بصواب ذلك نطقا، وشهد به،
1 / 64