فهذا يدل على الالتقاء بين الزيدية والمعتزلة، ولعل ما يقرب بينهما هو الخروج وذلك أن الزيدية يرون أنهم أحق بالإمامة، والمعتزلة يرون الخروج على الأئمة إذا جاروا.
ثم يظهر الالتقاء واضحا أكثر مع القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المتوفى عام (٢٤٠ هـ)، وذلك أنه أخذ الفقه عن علماء المذهب الحنفي، وأخذ عن شيوخ المعتزلة في وقته في الأصول، وله مؤلفات منها العدل والتوحيد (الصغير) والعدل والتوحيد (الكبير)، الأساس في علم الكلام وغير ذلك من الكتب (^١). ثم جاء بعد القاسم حفيده يحيى بن الحسين الملقب بالهادي، الذي استولى على اليمن وهو معتزلي كتب في الاعتزال كتبا كثيرة (^٢) فصار بعده الزيدية معتزلة لا يختلفون عن المعتزلة إلا في الإمامة.
قال الشيخ صالح المقبلي "كالزيدية في هذا الجبل من اليمن هم معتزلة في كل الموارد إلا في شيء من مسائل الإمامة وهي مسألة فقهية وإنما عدها المتكلمون من فنهم لشدة الخصام كوضع بعض الأشاعرة المسح على الخفين في مسائل الكلام … والمخالف في مثل هذه المسائل لا ينبغي أن يعد فرقة كما قال السيد الهادي بن إبراهيم الوزير - رحمه الله تعالى - وهو من أشد الناس شكيمة في مذهب الزيدية والتعصب لهم والرد على مخالفيهم فقال فيهم وفي المعتزلة: "وإنهما فرقة واحدة في التحقيق إذ لم يختلفوا فيما يوجب الإكفار والتفسيق) ذكر هذا في خطبة منظومتة التي سماها (رياض الأبصار) عدد فيها أئمة الدعاة من الزيدية وعلماءها وعلماء المعتزلة متوسلا بهم، فذكر الأئمة الدعاة من الزيدية، ثم علماء المعتزلة ثم علماء الزيدية
_________
(^١) انظر: كتاب الزيدية ص ١١٥ نقلا عن الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية لحميد المحلى ٢/ ١ مخطوط.
(^٢) انظر: ثبت كتبه في مصادر الفكر الإسلامي في اليمن ص ٥٠٨ - ٥١٧، وانظر: النقول عنه في آرائه الكلامية كتاب الزيدية ص ١٤٥ - ١٨٧.
1 / 73