ثانيا: الزيدية:
١ - نشأتها:
الزيدية إحدى الفرق التي تنسب إلى التشيع، وهم ينتسبون إلى زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ﵁، وكانت ولادته حوالي ثمانين من الهجرة، وقتل سنة اثنتين وعشرين ومائة للهجرة النبوية، وكان من خبره: أنه التف عليه طائفة من الشيعة وكانوا نحوا من أربعين ألفا، فنهاه النصحاء عن الخروج، وقال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: إن جدك خير منك وقد التف على بيعته من أهل العراق ثمانون ألفا ثم خانوه أحوج ما كان إليهم وإني أحذرك من أهل العراق، فلم يقبل بل استمر يبايع الناس في الباطن في الكوفة على كتاب الله وسنة رسوله، حتى استفحل أمره بها في الباطن وهو يتجول من منزل إلى منزل، وما زال كذلك حتى دخلت سنة ثنتين وعشرين ومائة فأمرهم أن يتأهبوا للخروج أول هذه السنة، فشرعوا في أخذ الأهبة لذلك، فانطلق رجل يقال له: سليمان بن سراقة إلى يوسف بن عمر نائب العراق فأخبره وهو بالحيرة يومئذ خبر زيد ومن معه من أهل الكوفة، فأرسل يوسف بن عمر يتطلبه ويلح بطلبه، فلما علمت الشيعة ذلك اجتمعوا عند زيد بن علي فقالوا له: ما قولك يرحمك الله، في أبي بكر وعمر؟ فقال: غفر الله لهما، ما سمعت أحدا من أهل بيتي تبرأ منهما، وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا، قالوا: فلم تطلب إذًا بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر، ولكن القوم استأثروا علينا به ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا قد ولوا فعدلوا، وعملوا بالكتاب والسنة (^١)، فقالوا: فلم تقاتل هؤلاء إذًا؟
_________
(^١) قال ابن كثير في تعليقه على هذا الكلام: وفي مذهبهم حق وهو تعديلهم الشيخين، وباطل وهو اعتقاد تقديم علي عليهما، وليس علي مقدما عليهما بل ولا على عثمان على أصح قولي أهل السنة للأحاديث الثابتة والآثار الصحيحة الثابتة عن الصحابة. البداية والنهاية ٩/ ٣٧١.
1 / 70