خلق له، فأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة" (^١).
فإن السائر على طريق الخير يزداد نشاطه في الخير لتوقعه أن يكون قد سلك الله به طريق أهل السعادة فإن من علامة ذلك كونه على الطريق، وكذلك المنحرف عن طريق أهل السعادة فإن ذلك يخيفه من أن يكون قد سُلكَ به طريق أهل الشقاوة فيختم له به فينتبه ويفيق ويرجع إلى ربه جل وعلا لعله يسلم ويسلك طريق النجاة، وما عند الله جل وعلا لا يحصل إلا بالعمل. يوضح ذلك أن الإنسان إذا أراد أن يكون صانعا أو تاجرا أو عالما فإنه لا يمكن أن يكون كذلك بدون عمل، فإذا كان ماهرا بالصناعة يدرك أنه سيكون في المستقبل صانعا، وكذلك إذا كان ماهرا في التجارة فإنه سيكون في المستقبل تاجرا، فإذا كان راغبا في هذه الوجهة فإنه يضاعف من جهده حتى يحسن العمل ويصل إلى غايته بأكمل ما يكون من العدة والاستعداد.
وكذلك إذا كان يأمل أن يكون من العلماء ويرى نفسه مهتما بالتجارة فلا شك أنه سيجتهد في صرف نفسه عن التجارة، ويجتهد في العلم حتى يبلغ الغاية التي يأملها ويتمناها، فكذلك من أيقن أن الله قد يسر كل إنسان لما خلق له فإنه إن رأى نفسه على الطريق فرح بذلك واستبشر وزادت همته ونشاطه بدافع الحرص والوصول إلى أسمى المراتب.
وإذا رأى نفسه قد تنكب الصراط فإنه يخاف أن يكون قد سلك به طريق الهالكين فيحزم ويعزم حتى يسلك سيبل السعادة لعله يكون من أهلها وهذا ظاهر بحمد الله (^٢).
_________
(^١) سيأتي تخريجه فقد ذكره المصنف ص ٤١٤.
(^٢) انظر: نحو هذا المعنى في كلام شيخ الإسلام في الفتاوى ٨/ ٢٧٦ - ٢٨٠، وابن القيم في شفاء العليل ص ٢٥ - ٢٦.
1 / 60