289

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

الانتصار: قالوا: قد ورد الأمر بالاعتبار في قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار}[الحشر:2]. وهذه منه.

قلنا: تدعون فيه عموما فليس فيه لفظة تدل على عموم الاعتبار، وإنما هو أمر مطلق تدعون أنه أطلق ولم يفصل، فنحن نقول: لفظة الاعتبار إلى الإجمال أقرب، فلا يمكن الاستدلال بظاهره؛ إذ لا ظاهر للمجملات لاشتماله على الاعتبار الفاسد والصحيح، وما يجري فيه القياس وما تنسد فيه مجاري القياس كالعبادات فلا نسلم جري القياس فيما هذا حاله فلا بد من دلالة على جريه فيه وهو أول المسألة؛ لأن الكلام إنما هو فيه، فإذا كان مجملا فلا حجة فيه إلا ببيان لإجماله.

قالوا: شرط من شروط الصلاة فجاز دخول التحري عند دخول الاشتباه في اثنين منه كالثياب.

قلنا: الثياب جارية على القياس في التحري فلا جرم كانت باقية على الأصل، بخلاف الآنية فإنها خارجة على القياس بدليل خصها فلا يجري فيها التحري، إلا إذا كان الطاهر أغلب كما قررناه، وأيضا فالثياب مفارقة للآنية، فإنه لو توضأ بالإثنين كليهما، كان متلوثا بالنجاسة مستعملا لها بخلاف ما لو صلى في الثوبين فإنه لا يكون مقدما هناك على محظور، فإذا افترقا من هذا الوجه جاز افتراقهما في العدد كما أشرنا إليه.

قالوا: كلما دخله التحري إذا كان عدد المباح أكثر فإنه يدخله التحري وإن كان عدد المحرم أكثر كالثياب.

قلنا: لا نسلم ما قالوه في الثياب، فإنه لو كان هاهنا خمسة أثواب، واحد منها نجس والباقي طاهر، فإنه تجب عليه الصلاة في اثنين منها ليكون الفرض ساقطا بيقين، ثم ولو سلمنا فالفرق بين الأثواب والآنية ظاهر بما ذكرناه من جواز الاستعمال في الأثواب كلها دون الآنية فاقترقا.

الفرع الثاني: في كيفية التحري عند الاشتباه في الآنية والثياب.

Página 294