186

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

وهل يجوز التطهر بنبيذ التمر أم لا؟ فيه مذهبان:

الأول: أنه لا يجوز التطهر بشيء من الأنبذة بحال، وهذا هو رأي أئمة العترة ومن تابعهم من فقهائهم، وبه قال الشافعي ومالك ومحكي عن أحمد بن حنبل وأبي عبيد (¬2) وداود (¬3).

والحجة على ذلك: قوله تعالى في آية الوضوء: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا}[المائدة:6]. ثم قال: {فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}. فنقلهم عند عدم الماء إلى التراب، فلو كان غيره جائزا لم يقصرهم في النقل إليه ولكان نقلهم إلى غيره أقرب من نقلهم إلى التراب؛ لأن النبيذ أقرب إلى صفة الماء وخلقته من التراب. ولقوله : (( التراب طهور المؤمن مالم يجد الماء))(¬4).

وتقرير الحجة فيه: ما ذكرناه في تقرير الآية، ولأن التطهر ورد من جهة الشرع مقصورا على الماء والتراب، فلا يجوز نقله إلى غيرهما إلا بدلالة شرعية.

المذهب الثاني: أنه يجوز التطهر بنبيذ التمر، وهذا هو رأي أبي حنيفة وأصحابه، ثم اختلفت الرواية فيه عن أبي حنيفة، وله فيه ثلاث روايات:

الرواية الأولى: مثل مذهبنا، أنه لا يجوز التطهر به، إلا في كونه نجسا [فإنه] قال بطهارته مع أنه لا يجوز التوضؤ به، وهو قول أبي يوسف، وعند أصحابنا والشافعي: أن كلما انتبذ يكون نجسا.

الرواية الثانية: أنه يجوز التوضؤ به والتيمم بعده، وهذا هو المحكي عن محمد بن الحسن.

Página 189