Selección de Virtudes de los Tres Grandes Juristas

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
98

Selección de Virtudes de los Tres Grandes Juristas

الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء

Editorial

دار الكتب العلمية

Ubicación del editor

بيروت

وَمِمَّنْ أُخِذَ عَنْهُ أَيْضًا بِبَغْدَادَ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَرَابِيسِيُّ وَكَانَ عَالِمًا مُصَنِّفًا مُتْقِنًا وَكَانَتْ فَتْوَى السُّلْطَانِ تَدُورُ عَلَيْهِ وَكَانَ نَظَّارًا جَدَلِيًّا وَكَانَ فِيهِ كِبْرٌ عَظِيمٌ وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَدِمَ الشَّافِعِيُّ وَجَالَسَهُ وَسَمِعَ كُتُبَهُ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِهِ وَعَظُمَتْ حُرْمَتُهُ وَلَهُ أَوْضَاعٌ وَمُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْ جُزْءٍ وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ صَدَاقَةٌ وَكِيدَةٌ فَلَمَّا خَالَفَهُ فِي الْقُرْآنِ عَادَتْ تِلْكَ الصَّدَاقَةُ عَدَاوَةً فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَطْعَنُ عَلَى صَاحِبِهِ وَذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَقُولُ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ وَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَلا يَقُولُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلا مَخْلُوقٌ فَهُوَ وَاقِفِيٌّ وَمَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ مُبْتَدع وَكَانَ الكرابيسى وعبد الله بْنُ كِلابٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وطبقاتهم يَقُولُونَ ان الْقُرْآن الذى تكلم بِهِ الله صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَلْقُ وَإِنَّ تِلاوَةَ التَّالِي وَكَلامِهِ بِالْقُرْآنِ كَسْبٌ لَهُ وَفِعْلٌ لَهُ وَذَلِكَ مَخْلُوقٌ وَإِنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلامِ اللَّهِ وَلَيْسَ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَشَبَّهُوهُ بِالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ للَّهِ وَهُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَكَمَا يُؤْجَرُ فِي الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ فَكَذَلِكَ يُؤْجَرُ فِي التِّلاوَةِ وَحَكَى دَاوُدُ فِي كِتَابِ الْكَافِي أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَقَالُوا هَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَطُّ وَهَجَرَتِ الْحَنْبَلِيَّةُ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حُسَيْنًا الْكَرَابِيسِيَّ وَبَدَّعُوهُ وَطَعَنُوا عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ تُوُفِّيَ حُسَيْنٌ الْكَرَابِيسِيُّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا بِبَغْدَادَ

1 / 106