Intikasat Muslimin
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Géneros
إن القيم الإنسانية تقصد خير الإنسان في أي مكان بغض النظر عن لونه أو دينه أو لغته أو جنسه، وغيرها هو قيم ذاتية محلية طائفية تقصد مصلحة طائفة بعينها أو فئة أو جماعة أو ملة أو مذهب، وهي بهذا المعنى تظل قيما أنانية لا تعبأ بالآخرين، ولا تهتم ولا ترى ما يلحق بهم من أضرار ما دام النفع يعود على الطائفة أو الجماعة؛ لذلك لن تجد أي شعور بالألم أو الندم للأحداث التي روتها لنا حروب الفتوحات، بقدر ما تشعر بالزهو والفخار والمجد والسؤدد والبطولات المبهرة.
يشغلني هنا قول هام للأستاذ راضي عاقل وهو يعقب على القيم الأخلاقية والأديان، سأجتزئ بعضا مما قال وهو لا يغني عن العودة إلى مدونته المحترمة لما فيها من تفاصيل هامة وكثيرة، يقول الأستاذ عاقل: «هناك مسلمة أن الإسلام مرادف للأخلاق وأن من لا دين له هو بالضرورة لا أخلاق له، بينما الدين عموما والإسلام خصوصا هو نقيض للأخلاق، ويساهم بشكل فعال في تشويه نفسية المؤمنين، به قتل حسهم الأخلاقي؛ فهو لا يسرق، ولا ينام مع أمه، ولا يقتل، فقط لأن كتابه قال له ذلك، وطمعا في الحور اللواتي يرجعن عذارى بعد كل نكاح، وخوفا من الشواء الأبدي وتبديل الجلود المتكرر بعد النضح، وليس لأي مبدأ أخلاقي من أي نوع من الأنواع، فلو لم يكن هناك عقاب ولا ثواب فسيقومون بكل ذلك، فأين هي الأخلاق؟
إن الدهماء والغوغاء واللصوص هم من يحتاجون للعقوبات لضبط تصرفاتهم، ولكن القوانين البشرية تستطيع ردعهم دون الحاجة للآلهة، إن الإسلام قانون عقوبات ومكافآت دنيوية وآخرية، فأين الأخلاق في الرشوة والترهيب؟ وأكد على أن عقل الإنسان قاصر لا يمكنه التمييز بين ما ينفعه وما يضره ويجب بالتالي أن يتبع توجيهات الإله الذي خلقه، وبالتالي فهو أعلم منه بما ينفعه وما يضره، وأصبح الناس في خدمة الأخلاق عوضا عن الوضع الطبيعي الذي هو أن الأخلاق وجدت لخدمة الناس.» انتهى.
إن فقهاء المسلمين يرفعون شعارات لا علاقة لها لا بالإسلام ولا بأي دين آخر، يذكروننا أيام كانت ألمانيا الشرقية الشيوعية كاملة الاستبداد تسمي نفسها رسميا ودوليا ألمانيا الديمقراطية؟ ينسبون قيم غيرهم لأنفسهم ولا يكتفون بذلك بل يسلبونها عن أصحابها الذين اكتشفوها بعد تاريخ طويل من الصراع لإرسائها قواعد إنسانية راقية. بينما قيم فقهائنا تطلب تكفير أصحاب تلك القيم الإنسانية وقتلهم وسبي نسائهم وهتك أعراضهم والاستيلاء على أموالهم، يسلبون الآخر قيمه ويكفرونه ثم يركبونه، لكن لو قدر أن نفذت تلك القواعد الإسلامية على المسلمين فإنهم يعتبرونها مسبة عار عليهم، هي للتطبيق على غيرهم فقط، فعندما استباح صاحب الزنج وثواره وطء السبايا من المسلمات القرشيات ثارت النخوة العربية كلها لإخماد ثورة الزنج، وعندما استباح إبراهيم باشا الدرعية لم ينسها السعوديون لمصر حتى يومنا هذا.
مشايخنا يصيبون مجتمعنا كله بالكساح العقلي والضمور المعرفي والخلل في الضمير عندما يعطون المسلمين القيمة ويسلبونها عن غيرهم، فهم المؤمنون وغيرهم هو الكافر لذلك هم الصواب وغيرهم الخطأ، هم أهل الجنة وغيرهم أهل الجحيم، تحويل المجتمع بقرار فردي للجهاد، احتلال الغير لبلادنا قبيح، واحتلالنا لبلاد الغير نشر للنور وتفضل عليه وتكرم.
وترى المأساة كاملة عندما تجد مشجعي القيم الإسلامية لا يريدون فرضها علينا وحدنا، إنما هم يريدون عولمتها، يريدون فرض قيم ذاتية صحراوية مضى عليها أربعة عشر قرنا على دنيا اليوم أجمع، على اختلاف البيئات والهويات والمستويات. فإذا كانت تلك رغبة إلهية لما كلف بها الفقهاء ولأرسل الرب أنبياءه على التساوي والتماثل لكل مناطق العالم وبمجتمعاته باعتبارهم جميعا من خلقه، لكن ما حدث هو العكس، فإن الله في «كتبه المقدسة الثلاثة» أكد أن توحيد القيمة الدينية كونيا هو أمر مستحيل، حتى أنه بعد أن أزال كل مخالف لهذه القيمة من على وجه البسيطة بإبادة جماعية بطوفان نوح، فإن ذلك لم يؤد إلى هذا التوحيد، وعاد البشر بعد الطوفان يصنعون قيمهم المختلفة مره أخرى.
الفصل الرابع
هل غير المسلم ذو خلق بالضرورة
أعراض عصابية سيكوباتية شديدة الاستعصاء، أصابت القيم الأخلاقية عند المسلمين في مقتل، وهي لون من المسلمات التي لا دليل على صدقها في الواقع، بل إن الواقع ينفيها ويكذبها، مسلمة تقوم على ما يشبه الاعتقاد الديني، وهو أن الإسلام تحديدا من بين كل أديان الأرض سماوية وأرضية المعبر الصحيح عن القيم الأخلاقية، وأن غير المسلم هو بلا أخلاق بالضرورة، لكونه غير مسلم فقط.
مشكلة المسلم مع القيم شديدة التعقيد؛ فهو يقيم مناهجه القيمية على عقائد دينية، ولأنه يعتقد أن عقيدته وحدها هي ما تملك الأخلاق الذي يلازم تمامية المعرفة بالضرورة. لكن ذلك تحديدا هو ما يجعله يفترض بالضرورة أن غير المسلم لا يملك معرفة سليمة، كذلك هو بالضرورة لا يملك أخلاقا سوية حتميا، وكان سلب القيم الأخلاقية عن العدو وما زال سلاحا فعالا في الحرب النفسية لتجييش من يظنون أنهم الأبرار والأطهار ضد الأشرار، فيتم تنجيس وتبخيس الغير أولا حتى يكون الضمير مرتاحا عند قتل هذا الغير في عقيدة الجهاد، يكون قد استحق مصيره وشن الحرب عليه وقتاله وقتله.
Página desconocida