بسم الله الرحمن الرحيم
يا فتاح يا عليم
كتاب (انتفاع الأموات بإهداء التلاوات والصدقات وسائر القربات) تأليف الشيخ الإمام العارف، محبي السنة، وقامع البدعة، أبو إسحاق إبراهيم بن المظفر بن إبراهيم الحربي -رحمة الله عليه-.
قال -رضي الله عنه-:
Página 47
الحمد لله الذي أنبتنا من الأرض إنباتا، ووهبنا في اتباع السنة رسوخا وثباتا، وتصرف فينا رفعا ووضعا وفخرا وإثباتا، وأنزل من الناشرات من المعصرات عذبا فراتا، فأخرج به حبا ونباتا، وميزه مراعي وأقواتا، ليدل على إحياء الموتى للعرض بما أحيا من الأرض مواتا، كريم لا يبخل، عظيم لا يسأل عما يفعل، حليم لا يعجل، ولا يخشى فواتا، جعل البرية لمدرسة البرية كفاتا، يعيش الأحياء عليها، ثم يسعون إليها أمواتا، ثم يهدون إليهم صلاة وصلاتا، وإن كانوا رفاتا، فيسمعون منهم سلاما، ويعون منهم كلاما، و[لا] يعجز عن إسماعهم بعد انحلال أسماعهم من يقدر على اختراعهم بعد أن أفنوا فتاتا، حين تشقق الأرماس، ويتحقق الغنى والإفلاس، فينطرق الرجاء والياس، وينعرف الإيحاش والإيناسن، {يومئذ يصدر الناس أشتاتا}.
أحمده إذ قدر أقواتا ودبر أوقاتا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خالق الفرع والأصل، وجاعل يوم الفصل ميقاتا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خطيب العرض والشفيع وقد أصبح الجمع إنصاتا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلاة تتصل وتبقى ولا تلقى انبتاتا، خصوصا على صديقه الذي جمع شمل الإسلام وقد كان بالردة شتاتا، وعلى فاروقه الذي شن في الشرك الغارات نهارا وبياتا، وعلى ذي النورين المقتول يوم الدار ظلما وافتئاتا، وعلى أبي السبطين الذي قطع طمع الدنيا ثلاثا بتاتا، وعلى أزواج النبي الطاهرات المتبوئات من العفاف والتقى أبياتا، وعلى التابعين لهم بإحسان صلاة تكون كفاء لما أنعم به وآتى، وسلم وشرف وكرم.
أما بعد:
Página 48
فإن سبب تحرير هذه المسألة ب: (انتفاع الأموات بإهداء التلاوات والصدقات وجميع أنواع القربات): أني كنت لقيت الأمير الكبير المبارك الموفق الناصح الصالح بهاء الدين ذي الرأي الأصيل والهمة والتحصيل -وفقه الله لمحابه، وجعله من صفوة أحبابه، وبلغه غاية أمنيته في نفسه ونفائسه وذريته-، ونحن على ظهر بظاهر محروسة الموصل - عمر الله بالعدل أوطانها، وحفظ ملكها وسلطانها: الملك المالك العالم العادل المؤيد المظفر المنصور نور الدنيا والدين، مد الله في مدة أجله، وبلغه في نفسه وذريته غاية رغبته ونهاية أمله، ونصره بما نصر به أنبياءه ورسله، وعمر عمر ملكه بعدله وفضله وسروره وجزله وإغناء رعيته عن التعرض للتعوض بعوضه وبدله، إنه سميع قريب.
فسألني عن قول الله تعالى {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، ثم
Página 49
قال: ونحن الآن إذا تصدقنا وقرأنا وأهدينا إلى أهالينا وأصدقائنا من الأموات لا يصل ذلك إليهم، ولا تعود بركته عليهم! نظرا منه -وفقه الله تعالى- إلى ما تقتضيه عندنا من أن الأعمال لا تعدو عامليها نظرا إلى ظاهر الآية، فأخبرته أن هذه الآية مختلف في نسخها وشرح معانيها وأحكامها المجتمع بها عند عامل بظاهرها حتى يخصها، وذاك لأنه لا يمكنه القول بأن سعي الغير في الحج لا يقع عن المحجوج عنه، وكذلك وصول الصدقة إلى الميت المتصدق بها عنه. فذكرت له أخبارا وآثارا في انتفاع الأموات من جانب الأحياء، إلى أن دخلت المدينة وأنا أذكر له من تتمة الجواب عن السؤال وهو يسر بما يسمع من ذلك -زاده الله سرورا، ولا يزال مؤيدا منصورا-، فآثرت أن أجمع له في تحرير هذه المسألة متفرق الأقوال ليقف -موفقا- على حقيقة الحال، فيأخذ بالسبب الأقوى إذ النفس بالدليل تقوى على لزوم التقوى، فأبدأ بخلاف المفسرين في الآية، ثم أتبع ذلك بخلاف الفقهاء في حكم المسألة، وأمزج ذلك بما يروح من ذكر الأخبار والآثار الدالة على صواب القول المختار، والله الموفق للصواب.
أما تفسير الآية فإنما يتضح العلم بحكم ما هي معطوفة عليه، وذكرت أول القصة وهو قوله: {أفرأيت الذي تولى. وأعطى قليلا وأكدى}:
اختلف العلماء بالتفسير في المراد في هذه الآية من هو؟
- فقيل: أبو جهل ابن هشام -لعنه الله-، والقليل الذي أعطى ثم قطعه وأعرض عنه إنما هو من القول لا من المال ، وذلك أنه قال: والله ما يأمرنا محمد قط إلا بمكارم الأخلاق. وهذا القول مروي عن محمد بن كعب القرظي.
- وقيل: هو العاص بن وائل السهمي، قاله السدي، قال: وكان ربما وافق النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحوال، وخالفه في بعض، ثم انقطع إلى العناد والكفر.
Página 50
- وقيل: هو النضر بن الحارث أعطى بعض فقراء المسلمين خمس قلائص ليرتد عن الإسلام، وشرط له أن يحمل عنه وزره يوم القيامة. قاله الضحاك.
- وقيل: هو الوليد بن المغيرة المخزومي، وهو أظهر الأقوال الأربعة، وكان قد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه وأظهر موافقته، فعيره بعض المشركين، وقال: تركت دين الأشياخ وضللتهم!. فقال: إني خشيت عذاب الله! فضمن له إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه ودين آبائه أن يتحمل عنه عذاب الله. ففعل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وهذا قول مجاهد وابن زيد.
Página 51
ومعنى قوله: (وأكدى)، قطع العطاء، وهو مأخوذ من الكدية وهي الصخرة الصلبة التي تعرض لحافر البئر فلا يعمل معوله فيها، فييأس من الماء، فيترك الحفر، كقول العرب: حفر فلان فأنبط، وحفر فلان فأكدى. ومنه الحديث الصحيح في الخندق: حتى عرضت كدية لا تأخذ فيها المعاول، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاها فضربها بالمعول ضربة صدعها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها -يعني المدينة- حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلون معه، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانية فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثالثة، فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح وكبر معه المسلمون، فقال له سلمان الفارسي: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد رأيت شيئا ما رأيت مثله قط! فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم فقال: ((أرأيتم ما يقول سلمان؟))، قالوا: نعم يا سول الله، قال: ((ضربت الأولى فبرق الذي رأيتم فأضاء لي قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل -عليه السلام- أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم فأضاءت لي قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل -عليه السلام- أن أمتي ظاهرة عليهما، ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاء لي فيها قصور أرض الروم كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبريل -عليه السلام- أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا)). فاستبشر المسلمون وقالوا: صدق وعدنا، النصر بعد الحصر. فقال المنافقون: ألا تعجبون لمحمد يعدكم ويمنيكم الباطل، ويخبركم أنه يرى من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق لا تستطيعون أن تبرزوا؟ قال: فنزل القرآن: {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا}. وأنزل الله تعالى في هذه القصة قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء} يعني: محمدا وأصحابه، {وتنزع الملك ممن تشاء} يعني: فارس والروم.
وقوله تعالى: {أعنده علم الغيب فهو يرى}، أي: فهو يعاين أمر الآخرة، فيعلم حاله فيها من خير أو شر؟!
{أم لم ينبأ بما في صحف موسى. وإبراهيم الذي وفى}، وقد صح في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل الله -عز وجل- على إبراهيم -عليه السلام- عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف)).
ثم بين ما أنزل في تلك الصحائف فقال: {ألا تزر وازرة وزر أخرى. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، أي: ليس كما توهم الكافر أنه يحمل وزر غيره، بل يمنعه من الانتفاع بسعي سواه لغيره.
وللمفسرين في مدح إبراهيم -عليه السلام- بالوفاء عشرة أقوال:
الأول: ما رواه أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار)).
Página 53
الثاني: ما رواه معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا أخبركم لم سمى الله خليله وفيا؟ كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} حتى ختم الآية)).
الثالث: أنه وفى بالطاعة فيما فعل بابنه. رواه العوفي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وبه قال القرظي والسدي.
والرابع: أنه وفى ربه -عز وجل- جميع شرائع الإسلام. روى هذا القول عكرمة عن ابن عباس.
والخامس: أنه وفى ما أمر به. قاله الحسن وسعيد بن جبير وقتادة، وقال مجاهد: وفى بما فرض عليه.
والسادس: وفى بتبليغ هذه الآيات: {ألا تزر وازرة وزر أخرى} وما بعدها. وهذا مروي عن عكرمة ومجاهد والنخعي.
والسابع: وفى شأن المناسك. قاله الضحاك.
Página 54
والثامن: أنه عاهد الله أنه لا يسأل مخلوقا شيئا، فلما قذف في النار قال له جبريل: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا!. فوفى بما عاهد. ذكره عطاء بن السائب.
التاسع: أنه وفى أداء الأمانة. قاله سفيان بن عيينة.
وقرأ سعيد بن جبير وأبو عمران الجوني وابن السميقع (وفى) بتخفيف الفاء. قال الزجاج: ((والتشديد أبلغ)).
ومعنى قوله تعالى: {ألا تزر وازرة وزر أخرى}: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، أي: لا تؤخذ بإثم غيرها.
{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} قال الزجاج: ((هذا في صحفهما أيضا، ومعناه: ليس للإنسان إلا جزاء سعيه: إن عمل خيرا جزي خيرا، وإن عمل شرا جزي شرا)).
وقد اختلف العلماء في هذه الآية على ثمانية أقوال:
Página 55
أحدها: أنها منسوخة بقوله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم}، فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء، قاله ابن عباس. وعليه للفقهاء اعتراض من جهة أن الآية خبر، والأخبار لا تنسخ إلا أن يكون الخبر في معنى الأمر والنهي.
والقول الثاني: أن ذلك كان لقوم إبراهيم وقوم موسى، فأما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم. قاله عكرمة، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم للتي سألت: إن أبي مات ولم يحج؟ قال: ((حجي عنه)).
والثالث: أن المراد بالإنسان ها هنا الكافر، فأما المؤمن فله ما سعى وما سعي له.
Página 56
قاله الربيع بن أنس.
والرابع: أنه ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل، فأما من طريق الفضل فجائز أن يزيده الله -عز وجل- ما شاء. قاله الحسين بن الفضل.
والخامس: أن معنى {ما سعى}: ما نوى. قاله أبو بكر الوراق.
يدل على صحة هذا القول ما روي في الحديث أن الملائكة تقف كل يوم بعد العصر بكتبها في السماء الدنيا، فينادي الملك: ((ألق تلك الصحيفة! فيقول الملك: وعزتك وجلالك! ما كتبت إلا ما عمل. فيقول الله -عز وجل-: لم يرد بها وجهي. وينادى الملك الآخر: اكتب لفلان كذا وكذا! فيقول: وعزتك! إنه لم يعمل ذلك! فيقول الله -عز وجل- إنه نواه)).
Página 57
والسادس: ليس للكافر من الخير إلا ما عمله في الدنيا، فيثاب عليه فيها حتى لا يبقى له في الآخرة خير. ذكره الثعلبي.
والسابع: أن اللام في قوله: {للإنسان} بمعنى (على)، تقديره: ليس على الإنسان إلا ما سعى.
Página 58
والثامن: أن ليس له إلا سعيه غير أن الأسباب مختلفة: فتارة يكون سعيه في تحصيل الشيء بنفسه، وتارة يكون سعيه في تحصيل سببه، فيكون سببه مثل سعيه في تحصيل قرابة وولد يترحم عليه وصديق يستغفر له، وتارة يسعى في خدمة الدين والعبادة، فيكتسب محبة أهل الدين، فيكون ذلك سببا حصل بسعيه.
حكى هذين القولين شيخنا ابن الجوزي -رحمه الله- عن شيخه علي بن عبيد الله الزاغوني -رحمه الله-.
[و] في معنى قوله: {وأن سعيه سوف يرى} قولان:
أحدهما: يرى بمعنى يعلم. قاله ابن قتيبة.
والثاني: سوف يرى العبد سعيه يوم القيامة، أي: يرى عمله في ميزانه. قاله الزجاج.
{ثم يجزاه} الهاء عائدة على السعي {الجزاء الأوفى}، أي: الأكمل الأتم.
Página 59
{وأن إلى ربك المنتهى}، أي: منتهى العباد ومرجعهم إلى الله -عز وجل- قال الزجاج: هذا كله في صحف إبراهيم وموسى.
فأما اختلاف الفقهاء وأهل العلم في هذه المسألة:
فإن مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعامة أهل النقل والحديث أن القرب الدينية والعبادات المالية والبدنية إذا فعلت وأهدي ثوابها إلى الأموات وصل إليهم وانتفعوا بها، كالدعاء والصلاة والصدقة والقراءة والعتق والحج وكل ما يتقرب به إلى الله -عز وجل- لأجلهم. [و] ذهب أكثر الفقهاء إلى المنع من ذلك إلا ما سنذكره عنهم مما استثنوه من القرب المالية وكل ما تدخله النيابة.
Página 60
واحتج أصحابنا في وصول ذلك الأموات وانتفاعهم به، بما رواه أبو بكر النجاد في سننه بإسناده في كتاب الجنائز من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن العاص بن وائل كان نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته من ذلك خمسين بدنة، أننحر عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أباك لو كان آمن بالتوحيد فصمت عنه أو تصدقت أو أعتقت عنه بلغه ذلك)). فجعل النبي صلى الله عليه وسلم العلة في [عدم] وصول ذلك إليه: عدم التوحيد، وذلك يعم النذر وغيره، وليس للمخالف أن يقول: (هذا وارد في النذر ونحن نوافق على ذلك، وإنما خالفناكم إذا فعل ذلك مبتدئا، ثم أهدى ثوابه، وليس في الخبر ما يدل عليه) فإنا نقول: نحن احتجاجنا باللفظ وهو أعم من السبب، وأقوى من العلة، لأنه قد ذكر الصدقة في الخبر، وعندهم أن الصدقة تنفعه من غير نذر، فعلمنا أن النذر ليس بشرط فيه.
واحتج أصحابنا أيضا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله فقال: يا رسول الله! كان لي أبوان، وكنت أبرهما أيام حياتهما، فكيف بالبر بعد موتهما؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن من البر بعد الموت: أن تصلي لهما مع صلاتك، وأن تصوم [لهما] مع صيامك، وأن تتصدق لهما مع صدقتك)).
Página 61
واحتجوا أيضا بما روى القاضي أبو يعلى بإسناده عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مر على المقابر فقرأ سورة {قل هو الله أحد} إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات)).
واحتجوا أيضا بما روى أبو بكر بإسناده عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال سول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دخل على المقابر فقرأ سورة (يس) خفف الله عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات)).
وبإسناده عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من زار قبر والديه أو أحدهما فقرأ عنده أو عندهما سورة (يس) غفر الله تعالى له)).
Página 62
واحتجوا أيضا ب: ما روى أبو حفص بن شاهين بإسناده عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قال: (الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الأرضين رب العالمين، وله الكبرياء في السماوات وفي الأرض وهو العزيز الحكيم، الحمد لله رب السماوات ورب الأرضين رب العالمين، [وله العظمة في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم، لله الملك رب السموات ورب الأرض رب العالمين]، وله النور في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) مرة واحدة، ثم قال: (اللهم اجعل ثوابها لوالدي) لم يبق لوالديه [عليه] حق إلا أداه إليهما)).
وذكر القاضي الإمام أبو الحسين ابن الفراء في كتابه الموسوم ب (الرد على زائغ الاعتقادات في منعه سماع الأموات) أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي وأمي أنت يا رسول الله! إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعو لهم، فهل يصل إليهم؟ قال: ((نعم! إنه ليصل إليهم، ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه)). رواه أبو حفص العكبري -رحمه الله-.
Página 63
وروى بإسناده عن سعد أنه قال: يا رسول الله! إن أمي توفيت أفأتصدق عنها؟ فقال: ((تصدق عن أمك)). قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: ((سقي الماء)).
Página 64
وبإسناده عن عطاء بن أبي رباح أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن أبي مات، أفأعتق عنه؟ قال: ((نعم)).
وبإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي أن الحسن والحسين -رضي الله عنهما- كان يعتقان عن علي -رضي الله عنه-.
Página 65
وروى مقاتل بن سليمان في أثناء [تفسير] الخمسمائة أنه قال: قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: يا رسول الله -صلى الله عليك-! كان لأمي نصيب مما أعطى، فتتصدق منه وتقدمه لنفسها، وإنها ماتت ولم توص، وقد كنت أعرف البركة فيما تعطي. وبكى معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يبكي الله عينك يا معاذ! أتحب أن تؤجر أمك في قبرها؟)) قال: نعم يا رسول الله!. قال: ((فانظر ما كنت تعطيها فأمضه عن الذي كانت تفعل، وقل: اللهم تقبل من أم معاذ)). قال: فقال من عند رسول الله: ألمعاذ خاصة؟ قال: ((لمعاذ خاصة ولجميع المسلمين عامة)). قالوا: يا رسول الله! فمن [لم] يكن له منا رزق به يتصدق عن أبويه، أيحج عنهما؟ قال: ((نعم، وتؤجرون عليه، ولن يصل رحم رحمه بأفضل من أن يتبعه بحجة في قبره، فإذا كان عند الإحرام فليقل: (اللهم عن فلان)، فإذا كان في سائر المواقف فليقل: (اللهم تقبل من فلان). وأوفوا عنهم النذور والصيام والصدقة، [و] أفضل وأحق من قضى عن المرء والمرأة: ذو رحم إن كان)).
روى البخاري في كتابه الصحيح بإسناده عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله إن أمي توفيت، أينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: ((نعم)) قال: فإن لي مخرافا، فأشهدك أني قد تصدقت به عنها.
وروى الحافظ اللالكائي بإسناده في كتاب (شرح السنة) عن أبي أسيد وكان بدريا. قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا، فجاء رجل من الأنصار، فقال: هل بقي لي من بر والدي شيء بعدهما أبرهما به؟ قال: ((نعم! الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهذا الذي بقي عليك من برهما)).
Página 66
وروى أيضا بإسناده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : يموت الرجل ويدع ولدا، فترفع له درجته. قال: يقول: يا رب! ما هذا؟ قال: يقول: استغفار ولدك لك.
وبإسناده عن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا على موتاكم)) يعني: (يس).
Página 67