Humanismo: Una Breve Introducción
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
لاحظ أن دفاع الإرادة الحرة لا يتناول (عادة) إشكالية الشر الطبيعي؛ أي المعاناة التي تنشأ بمعزل عن أفعال البشر، مثل المعاناة التي تنتج عن الأمراض والكوارث التي تحدث لأسباب طبيعية. لم يوجد مثل هذا الشر؟ كما سنرى لاحقا، غالبا ما يجيب التوحيديون بإجابة مشابهة، وتحديدا أن الشر الطبيعي ضروري من أجل مصلحة أعلى، مثل الاتساق في قوانين الطبيعة أو إتاحة الفرصة للبشر كي يبدوا فضائل مثل الصبر والبسالة أمام النوازل. (3) إشكالية الشر الإثباتية
إلا أنه ثمة إشكالية شر أخرى تواجه المعتقد التوحيدي، أرى أنها أشد خطورة؛ وهي إشكالية الشر الإثباتية. تقوم إشكالية الشر الإثباتية لا على فكرة أن صحة الزعم الثاني تستتبع منطقيا زيف الزعم الأول، بل على فكرة أن الزعم الثاني يقدم لنا «دليلا وجيها» يدحض الزعم الأول.
وهنا يصبح مقدار الشر مهما للحجة. وفي حين أننا قد نقر بأن الإله قد يسمح ببعض الشر (من أجل مصلحة أعلى )، فهل يوجد أي سبب وجيه لسماحه بوجود هذا القدر الكبير من الشر؟ وبإمكاننا أن نذكي جذوة الإشكالية الإثباتية بالإشارة إلى أن الإله من المفترض أنه لن يسمح بوجود معاناة بلا سبب. وإذا كان الإله موجودا، فمن المفترض أن لديه سببا وجيها للسماح بكل هذا الكم من المعاناة.
في نهاية حلقة عرضت مؤخرا من برنامج «الحياة» التليفزيوني، أجري لقاء مع أحد المصورين. وقد ذكر أنه بعد بضعة أسابيع من العمل ضمن طاقم البرنامج، أخذ يفكر في اعتزال تصوير الحياة البرية؛ لأنه وجد التجربة بالغة الإزعاج لدرجة لا يطيقها؛ فقد كان يعاني من أجل التكيف مع المعاناة الاستثنائية التي تقاسيها الحيوانات التي كان يراقبها. وكان هذا النوع من المعاناة - المعاناة المروعة، على مستوى عالمي شاسع - بالطبع مستمرا، ليس لبضعة أسابيع فحسب، بل لمئات الملايين من السنين، قبل ظهور الإنسان الحديث جدا بوقت طويل.
عندما بدأنا التفكير في مقادير المعاناة الضخمة الموجودة - وفيها مئات ملايين السنين من معاناة الحيوانات التي حدثت قبل ظهور البشر - ألا يتضح سريعا أنه لا يمكن تفسير كل ذلك بأنه يخدم مصلحة أعلى؟
إذن، الزعم القائل بأن الإله في المعتقد التوحيدي التقليدي موجود، يبدو خاطئا على نحو واضح على المستوى التجريبي. (4) نظريات العدالة الإلهية
يرد المؤمنون بالإله على إشكالية الشر الإثباتية بعدة طرق مختلفة؛ فالبعض يؤكد على وجود أسس وجيهة لافتراض أنه لا يوجد إله وحسب، بل وأن هذا الكيان يتمتع بالصفات التي يعزوها إليه المعتقد التوحيدي التقليدي. ومن ثم، في حين قد توجد أدلة تعارض وجود الإله، فثمة حجج مؤيدة لوجوده مقابلة لها على الأقل، وسأعود إلى هذا الطرح في وقت لاحق في هذا الفصل. وقد يصر التوحيديون كذلك على أنه بالإمكان دحض إشكالية الشر الإثباتية إلى حد بعيد، وجرى تقديم كثير من التفسيرات للشر من قبل هؤلاء، وفيها الأمثلة الثلاثة التالية: «حل الإرادة الحرة البسيط». خلقنا الإله فاعلين أحرارا متمتعين بالقدرة على اختيار كيفية تصرفنا. والمعاناة تنتج عن اختيارنا القيام بأشياء خاطئة. إلا أن الإرادة الحرة أيضا تتيح صور خير معينة؛ مثل القدرة على إتيان الخير بمحض اختيارنا الواعي. فالمخلوقات الأشبه بالعرائس المتحركة التي دائما ما تفعل كما يأمرها الإله لن ترتكب شرا، إلا أنها تفتقر إلى المسئولية الأخلاقية؛ ومن ثم فهي غير قادرة على التصرف على نحو فاضل بصورة صادقة وحقيقية. والإله بفك القيود عنا وإعطائنا حرية الإرادة الكاملة، سمح حتما ببعض الشر (كالذي أقدم عليه هتلر). إلا أن الإرادة الحرة الخيرة تسمح بما يفوق تلك الشرور. «أعمال الخير من الدرجة الثانية تقتضي شرورا من الدرجة الأولى». لم يكن مفر من أن يقدر الإله كما محددا من المعاناة بحيث يمكن أن تتحقق أعمال خير مهمة معينة. خذ العمل الخيري مثالا؛ فكي أقوم بعمل من الأعمال الخيرية، يجب أن أفترض وجود آخرين محتاجين، قد يستفيدون من عطائي؛ فالعمل الخيري يعتبر من «أعمال الخير من الدرجة الثانية» التي تقتضي وجود «شرور من الدرجة الأولى» مثل العوز والمعاناة (أو مظهرهما على الأقل). ولأن أعمال الخير من الدرجة الثانية تفوق الشرور من الدرجة الأولى، فإن الإله يسمح بها. «حل «بناء الشخصية»». طبقا لعالم اللاهوت جون هيك، هذا العالم عبارة عن «أرض بناء الأرواح». جميعنا نألف فكرة أن المعاناة يمكن أن تصنع منا أشخاصا أفضل وأقوى. على سبيل المثال، الشخص الذي أصيب بمرض مؤلم وخطير سيقول أحيانا إنه لا يشعر بالحسرة حيال ذلك؛ لأنه تعلم الكثير من التجربة. وبإنزال الألم والمعاناة علينا، يعطينا الإله فرصا مهمة، وفيها فرصة التعلم والنمو والتطور أخلاقيا وروحيا؛ فمن خلال تلك المعاناة وحدها نستطيع أن نبني الأرواح النبيلة التي يريد الإله أن نمتلكها.
عندما تقدم تلك التفسيرات كرد على إشكالية الشر الإثباتية، أحيانا يطلق عليها «نظريات العدالة الإلهية»، وقد وضع الكثير منها. يعتقد بعض التوحيديين أنه حتى إن لم تحل تلك النظريات إشكالية الشر الإثباتية بالكامل؛ فهي مجتمعة تقلص من الإشكالية على الأقل إلى حجم يمكن التعامل معه، بحيث يمكننا التوقف عن قول إن المعتقد التوحيدي مزيف خاطئ على نحو واضح على المستوى التجريبي.
مع ذلك ، كثيرا ما سيقر المؤمنون بالإله أنه ليس من السهل بالتأكيد شرح السبب وراء إنزال الإله هذا الكم الضخم من الألم والمعاناة على سكان هذا الكوكب الواعين. لذا، يدعم بعضهم هذه التفسيرات المتنوعة باحتكام آخر إلى عنصر «الغموض»، فيؤكدون على أن الإله يعمل على نحو غامض، فعلم الإله وذكاؤه لا حدود لهما بالتأكيد، ومن المرجح أن مخططه «خارج نطاق معرفتنا» في الأغلب. وبذلك، إن كان سبب كثير من الشر الموجود يفوق نطاق فهمنا، فهذا ليس سببا وجيها لعدم وجود الإله. (5) فرضية الإله الشرير
بالطبع يعتبر أغلب الملحدين هذه التفسيرات المتنوعة للنوازل الأخلاقية والكوارث الطبيعية لا طائل منها مطلقا، ويبدو لكثيرين أن المقدار الضخم من المعاناة والانحلال الأخلاقي الموجود في عالمنا يشكل دليلا قويا على أن الإله كما يصفه المؤمنون به غير موجود. وفي الواقع يبدو جليا إلى حد كبير لكثيرين أنه لا يوجد إله.
Página desconocida