El hombre, el pináculo de la evolución
الإنسان قمة التطور
Géneros
ولكن اللسان كان أعظم من اليد في تكبير الدماغ؛ لأنه عين المعاني بكلمات تربطها في حدود لا تتجاوزها كيما تهيئها للطلب والخدمة، وإذا كانت اليد آلة الحضارة التي اخترعنا بها الأدوات فإن اللسان هو آلة الثقافة التي جمعنا بها المعارف للفهم والتفكير، وكلنا نعرف أن الإنسان قد عاش ملايين السنين وهو من حيوانات الليل التي تسعى في الظلام، وأنه لهذا السبب نقل عينيه من صدغيه إلى وجهه كما هي الحال في الوطاويط والبوم، وأن وسيلتنا للاتصال بالعالم قد أصبحت العين، بل العينين معا بدلا من الأنف، وأن هذا كان كسبا عظيما للذكاء.
ولكن هذا السعي بالليل هبط بنا على شيء جديد زاد ذكاءنا وهو اللغة، فإن العواطف البدائية ترتسم على وجه الحيوان حول الفم والشفتين والعينين والأنف، بل إننا أحيانا نعين العاطفة باليد أو اليدين معا، فإذا كنا في الظلام عجزنا عن إبداء عواطفنا بهذه الحركات، ولكن العاطفة عندما تشتد أو تحتد تحملنا على الصراخ أو الصياح أو غير ذلك كما يفعل الكلب أو القط، فإذا تحركت أعضاء وجوهنا في الظلام لعاطفة محتدة مثلا فإنه تخرج من حناجرنا أصوات تلائم هذه العواطف، وهذه هي اللغة.
ولكن لولا الظلام الذي كنا نعيش فيه، في حياة الليل التي كنا نحياها، وبرهانها جمع العينين في الوجه؛ لولا ذلك لما احتجنا إلى اللغة؛ لأن الظلام كان يمنع التفاهم بحركات اليد أو الوجه التعبيرية وقت الغضب أو الخوف أو الافتراس أو الهجوم أو الدفاع، كانت الأصوات تخرج وفق التعبير لهذه العواطف وكانت تؤدي للأذن ما كانت تؤديه للعين وقت النهار، مثال ذلك أن الحيوان، أحد أسلافنا، كان يفتح فمه وقت الرعب من وحش قادم، فإذا كان نور النهار فتح فمه وهو صامت، وكان رفيقة يفهم ويتعاون الاثنان على الدفاع أو الهرب، ولكن إذا كان الليل فإن الحيوان يفتح فمه ويخرج صوتا يلائم هذا الرعب فيقول: آه.
ونرتقي من ذلك إلى أن تقول: إن أحد أسلافنا كان يجب أن يعبر مثلا عن معنى الشيء العالي فيرفع «في النهار» شفته السفلي إلى فوق فقط، فإذا كان الظلام رفع شفته إلى فوق أيضا ولكنه يخرج صوتا يوافق هذه الشفة المرفوعة مثل: فوق بالعربية و
Haut
بالفرنسية و
High
بالإنجليزية، وهي نفسها الكلمة الفرنسية.
فإذا أراد أن يعبر عن معنى الشيء السفلي فإنه في النهار يعقد شفته ويمدها إلى أسفل ولا يتكلم، ولكنه إذا كان الليل فإنه يصيح مع عقد شفته إلى أسفل فيقول: تحت بالعربية و
bas
Página desconocida