El ser humano en el Corán
الإنسان في القرآن
Géneros
إن الأشواط الغابرة قد انقضت - كما تقدم - على مرحلتين شاسعتين استغرقتا مئات الألوف من السنين: مرحلة الصراع مع الطبيعة، ومرحلة الصراع بين الإنسان والإنسان للغلبة على سيادة العالم المعمور.
ولا تزال المرحلتان ماضيتين في عملهما السياسي والاجتماعي، وفي عملهما الفكري والأخلاقي؛ فإن تسخير الذرة إنما هو امتداد لاستخدام النار بدأ قبل التاريخ ولم ينته إلى غايته حتى أواسط القرن العشرين، وإن الصواريخ الموجهة بين القارات إنما هي امتداد السلاح الحجري قبل ألوف القرون، ويتساءل المستطلعون للغد - من علماء الدراسات البشرية وغيرهم - هل من جديد؟
فإن يكن شك في الجديد المجهول، فالأحوال المكشوفة للنظر تنبئنا أن القديم غير القديم، وأن التغيير الذي طرأ على القديم إنما هو هذا التقارب الدائم بين أجزاء العالم، وهذا التشابك المتغلغل إلى الأعماق في مصالح الأمم والجماعات، وهذه الوحدة العالمية التي لا تنفصل فيها جماعة من الناس بخطر يصيبها، ولا يصيب معها القريب والبعيد من الجماعات، شعوبا كانت أو طوائف وطبقات.
بقي الصراع بين الأمم، وتغير منه أنه كان بالأمس صراعا بين أمتين لتغليب إحداهما على العالم المعمور حول الأمتين؛ فأصبح اليوم صراعا بين شطرين من أمم العالم كله لتغليب نحلة اجتماعية أو «أيديولوجية» على العالم كله بسلاح القوة أو سلاح الدعاية. ومصير هذا الصراع هو الغد المجهول الذي يطالع الإنسانية بإحدى حالتين: وحدة عالمية تجري فيها دساتير الحكم والتفكير والأخلاق على سنة «التضامن» والتسامح ، ولو بين المتخالفين في تفصيلات هذه الدساتير، أو حرب جائحة تئول بالثقافة والآداب النفسية والعقلية إلى الشتات والانتكاس، وتعود بالأمم إلى أوائل شوط جديد يعيدها كرة أخرى إلى جاهليتها المتروكة منذ دهور.
وعلى العلم اليوم أن يرصد ذلك البعث، أو تلك القيامة، بما يفتح له من وسائل النظر إلى الواقع المعلوم والغيب المجهول.
الإنسان في علوم النفس والأخلاق
أوسع المذاهب الأخلاقية تحتويه فكرة الحيوان الاجتماعي التي عبر عنها أرسطو بقوله: «إن الإنسان مدني بالطبع.» وجعلته نموذجا وحيدا في الكون حين وصفته بأنه «حيوان ناطق»، ثم وصفته بأنه حيوان اجتماعي تلازم فيه صفة النطق صفة الاجتماع.
فليس بين الأحياء على وجه الأرض حيوان يوصف بالنطق وبالفطرة الاجتماعية غير الإنسان.
واسم «الإنسان» وحده باللغة العربية يغني عن مذهب؛ لأنه اسم يعتبر هذا الكائن الوحيد أساسا للألفة الاجتماعية حين تنسب لغيره. وقد لعب الشعراء بما في الكلمة من الجناس اللفظي فقال أبو تمام:
لا تنسين تلك العهود فإنما
Página desconocida