El ser humano en el Corán
الإنسان في القرآن
Géneros
وقد أشار الأسقف إلى الأطوار التي مرت بمذهب دارون منذ إعلانه إلى تلك السنة، فنقل كلاما عن العالم الألماني إدواردفون هارتمان قال فيه: إنه «في سنة 1860 كانت مقاومة الأفذاذ من العلماء الشيوخ لنظرية دارون شديدة، وفي سنة السبعين أخذت هذه النظرية تنتشر في كل صقع تقريبا، وفي سنة الثمانين كان نفوذ المذهب الداروني عاما ومطلقا حتى كاد يبلغ بسموه سمت الرأس، وفي سنة التسعين بدأت بعض الشكوك تعتلي، وبعض المقاومات تظهر، وعلامة التصدع والانهدام تبينت واتضحت، وفي العقد الأول من الجيل العشرين بدأت أيام المذهب أن تكون معدودة، وكان بين مضاديه وداحضي حججه من أعلام العلماء: إيمر، وغوستاف وولف، وردي فريز
Vrise ، وفون والشتين
Wallstein ، وفليشمان
Flischmann ، ورينك
Rienk ، وغيرهم كثيرون.»
وبعد هذا التمهيد عرض الأسقف للبحث من الناحية اللاهوتية فقال: «إن البحث العلمي عندما يأتي بنتائج واقعية أكيدة تجتمع ساعتئذ كلمة العالم المسيحي وغير المسيحي عليها، على غير تضاد ولا تناف. وهذا هو عين الصواب والرشد؛ لأن الحق لا يغاير الحق، ولا يتساهل لاهوتيو الكنيسة الكاثوليكية، كما أنهم لا يسلمون لأخصامهم القائلين بالمذهب الداروني المحض. وهذا بعض الواجب عليهم بالنظر إلى ما يناقض حقائق الوحي المقدس، غير أنهم متى رأوا من بعض الوجوه اتفاقا بين اللاهوت ونظرية النشوء كانوا من هذا القبيل ليني الجانب لطفاء هينين.
فمن هؤلاء العلماء الأهوناء المتئدين الأب واسمان الجرمني الشهير بعلم طبائع الحشرات، الميال إلى الاعتقاد بنظرية نشوء الأنواع المعتدلة، القائل بأن أنواعا كثيرة من النبات والحيوان نشأت من أنواع طبيعية أصيلة أبدعها رب الطبيعة الخلاق؛ كالأرانب الأليفة والبرية والحمار والفرس والكلب والثعلب إلخ؛ فإنك بهذا ترى أن مبدأ الخلق والإبداع لبث غير ممسوس البتة، فإذا حل تصور اشتقاق الأنواع الجديد بالتحدر والتسلسل محل التصور القديم لثبات الأنواع على عدم التغير؛ كانت حكمة الباري في الجديد أمجد منها بالقديم، من وجه أنه عز نواله وجل جلاله وضع في الطبيعة الآلية قوى تؤهلها لتحذير ونشر صور جديدة لموجودات حية، بدون افتقار إلى توسط أو تدخل قدرة الله المبتدعة للكون ونواحيه، والمعتنية بحفظها وإدارتها.
وحينما تتصادم نظرية ما مع التعليم المسيحي تصادما واضحا غير قابل للشك، يجب وقتئذ رفض هاتيك النظرية وطرحها مطلقا، وبناء على هذا؛ كل من قال بمبدأ نشوئي ينفي به الخلقة قطعا بدون رجعة يجب أن يضرب بقوله ومبدئه عرض الحائط، وكل نظرية تنكر خلقة العالم بستة أيام يراد بها ستة أدوار أو ست مدد يجب أن تطرح، وكل قول بأدوار طويلة مرت وانقضت بين تكوين الأرض وخلق الإنسان هو قول معقول؛ لهذا هو مقبول؛ لأنه ليس في الكتاب الكريم ما ينافيه أو ينقضه.
أما بالنظر إلى أصل الإنسان، فالكاثوليك مقيدون بنص سفر التكوين، ويمكنهم التوسع بتفسير كلمة الكتاب من جهة الجسد؛ فقد ارتأى بعضهم أن المقصود بقوله: جبله من تراب الأرض، أنه قضى ورسم الصورة وهيأ الهيئة، وليس كما يجبل الفاخوري الجرة والإبريق. وأما من جهة النفس، فالتعليم الكاثوليكي والفلسفة الصادقة الرصينة يلزماننا أن نقف عند الاعتقاد الراهن الثابت بأن أنفسنا روحية بحتة، وبذا تفترق وتمتاز جوهريا عن نفس الحيوان.»
وتلي هذه المقدمة براهين الأسقف التي بنى عليها رفض تحول الإنسان عن غيره من الحيوان، وهي تتلخص في المطالبة بالحلقة المفقودة، وهي «لم ير لها أثر أو عين بين الأحياء ولا بين الأموات، لا في الأحافير ولا في المتحجرات».
Página desconocida